الفروق بين المقاوله والوديعه في القانون المصري

الفروق بين المقاوله والوديعه في القانون المصري

تمييز المقاولة عن الوديعة:

المقاولة ترد على عمل يقوم به شخص لآخر، أما الوديعة فترد على نوع معين من العمل هو حفظ الشيء لمصلحة المودع ورده إليه عينًا. والأصل في الوديعة أن تكون بغير أجر ( م724 مدني ) ، وإذا اتفق على أجر فهو عادة أجر زهيد يكافئ ما بذله المودع عنده من جهد في حفظ الوديعة دون أن يبغى كسبًا من وراء ذلك فهو ليس بمضارب ، أما المقاولة فهي عقد من عقود المضاربة يبغى المقاول من ورائها الكسب ، ويغلب أن تكون هذه هي مهنته التي يتعيش منها ، ومن ثم تكون المقاولة دائمًا بأجر والأجر غير زهيد حتى يكافئ ما يتعرض له المقاول من النفقات والتبعات والخسائر .
ومن أجل ذلك تكون مسئولية المودع عنده أخف عادة من مسئولية المقاول ، ولكل من المودع والمودع عنده أن يتحلل من العقد قبل انقضاء أجله مالم يكن الأجل في مصلحة الطرف الآخر ( م 722 مدني ) ، أما المقاولة فالتحلل منها مقيد بالتعويض ( م663 مدني ) .

على أن الوديعة المأجورة قد تشتبه بالمقاولة ، إذ المودع عنده في هذه الحالة يقوم بعمل لمصلحة الغير ، هو حفظ الشيء المودع ، لقاء أجر معلوم ، فتقرب الوديعة من المقاولة ([1]) . ولكن المودع عنده ، حتى في الوديعة المأجورة ، ليس بمضارب ولا يبغى الكسب من وراء الأجر كما قدمنا ، خلاف المقاول .
على أن هناك من الودائع المأجورة ما يقترب من المقاولة غلى حد بعيد ، وذلك فيما يدعى بعقود الحفظ ( contrats de garde ) المهنية حيث يتخذ الشخص الوديعة المأجورة حرفة له فيكون في هذه الحالة مضاربًا يبغى الكسب ،
وذلك كالمصرف الذي يؤجر خزانته ليودع العميل فيها أشياء الثمينة ( location des coffersforts ) ، وكصاحب الجراج العام بالنسبة إلى السيارات التي تودع عنه . وقد قدمنا عند الكلام في الإيجار ([2]) أنه حدث أخيرًا تحول في الفقه والقضاء ، ورجح الرأي الذي يكيف عقود الحفظ هذه بأنها عقود وديعة مأجورة . وهي ، حتى بهذا التكييف ، تقرب كثيراً من عقود المقاولة كما سبق القول .

وهناك عقود مقاولة تتضمن الوديعة. مثل ذلك أن يدفع شخ بسيارته إلى جراج لإصلاحها ، فصاحب الجراج في تعهد بإصلاح السيارة يبرم عقد مقاولة ، وهو في الوقت ذاته يحفظ السيارة في الجراج المدة الازمة لإصلاحها فتكون مسئوليته عن سرقة السيارة مسئولية المودع عنده ([3]).
ومثل ذلك أيضًا أن يقدم رب العمل للمقاول المادة التي يستخدمها هذا الأخير في العمل ، فيكون العقد مقاولة بالنسبة إلى العمل ووديعة بالنسبة غلى المادة التي قدمها رب العمل . ويذهب كثير من الأحكام في فرنسا إلى أن عقد الوديعة يجتمع في هذه الحالة مع عقد المقاولة ، وتسرى على كل منهما أحكامه([4]). ولكن الصحيح أن العقد هنا هو عقد مقاولة فقط ، وهي بطبيعتها تتضمن التزامًا بحفظ الشيء الذي يعمل فيه المقاول بعد تسلمه من رب العمل ، ويكن مسئولا عن ضياعه باعتباره مقاولا لا باعتباره مودعًا عنده .
إذ مسئوليته تنشأ من عقد المقاولة لا من عقد وديعة مقترن بها ([5]). وقد نصت المادة 685 مدني صراحة على هذا الالتزام بالحفظ في عقد العمل ، فأوجبت على العامل : ” . . ( جـ ) أن يحرص على حفظ الأشياء المسلمة إليه لتأدية عمله . . .” .

ويمكن القول إن هذا الالتزام موجود أيضًا في ذمة المقاول إذا ما تسلم شيئًا من رب العمل لتأدية عمله .
ومن ثم يكون العقد الذي يتسلم بموجبه المدرب حصاناً لتدريبه عقد مقاولاً لا عقد وديعة ، وبموجب عقد المقاولة هذا يكون المدرب مسئولا عن المحافظة على الحصان ([6]).

وإنما يوجد عقد الوديعة إذا انتهى المقاول من عمله ، ودعا رب العمل إلى تسلم الشيء فلم يتسلمه ، وبقى الشيء في حفظ المقاول فيكون العقد من ذلك الوقت عقد وديعة ، أو إذا كان العقد هو في الأصل عقد وديعة كوديعة السيارات في جراج عام وتضمن القيام بأعمال ثانوية لا توله غلى مقاولة كتنظيف العربة وغسلها كل يوم ([7]) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *