بحث حول خيانة الأمانة وفقا للتقنين المصري

بحث حول خيانة الأمانة وفقا للتقنين المصري.

أولا: ماهية جريمة خيانة الأمانة :

وعرفها الفقه بأنها فعل من يختلس شيئا منقولا سلم إليه على سبيل الأمانة أضرارا بمالكه أو واضع اليد عليه .

– خيانة الأمانة جريمة وقتية : –

الجريمة الوقتية تتسم بأنها تقع في زمن معين وتنتهي فورا وقد تتكون من فعل ايجابي كالقتل والسرقة أو امتناع ، أما الجريمة المستمرة فهي تلك التي يستغرق تحقيق عناصرها زمنا طويلا نسبيا كجريمة حبس إنسان بدون وجه حق .
وقد قالت محكمة النقض أن خيانة الأمانة جريمة وقتية تقع وتنتهي بمجرد اختلاس المال المسلم للأمين .

– خيانة الأمانة جريمة عمدية : –

بمعنى أن أرادة الجاني فيها تنصرف إلى تحقيق جميع أركان الواقعة الإجرامية مع العلم بتوافرها وبأن القانون يعاقب عليها كما أن ركنها المادي يتكون من فعل واحد لا يشترط تكراره لتوقيع العقوبة .

– حيث تنص المادة ۳٤۱ من قانون العقوبات على أنه:-

“كل من اختلس أو استعمل أو بدد مال أو متعة أو بضائع أو نقوداً أو تذاكر أو كتابات أخرى مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك إضرارا بمالكيها أو أصحابها أو واضعي اليد عليها، وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم إلا على وجه “الوديعة” أو “الإجارة” أو على سبيل “عارية الاستعمال” أو “الرهن” أو كانت سلمت له بصفة كونه “وكيلاً – بأجرة أو مجاناً – بقصد عرضها للبيع أو بيعها أو استعمالها في أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره”، يحكم عليه بالحبس ويجوز أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري”.

– ولكى نستطيع فهم جريمة خيانة الامانة والإلمام بها يجب أن نعرف ما هى عقود الامانة : –

۱ـ الوديعة : هي عقد من العقود الرضائية التي يمكن تعريفها وفقا لما جاء بنص المادة ۷۱۸ مدني بقولها ” الوديعة عقد يلتزم به شخص أن يتسلم به شيئا من آخر على أن يتولى حفظ هذا الشيء وعلى أن يرده عينا ” .

۲ـ الاجارة : هي عقد من عقود الأمانة وقد نصت عليه المادة ۵۵۸ مدني بقولها ” الايجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه بأن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة بمقابل معلوم ” .

والإيجار قد يشمل إيجار العقارات أو المنقول عموما ولكن في جريمة خيانة الأمانة يقتصر الأمر على إيجار المنقولات المادية ـ كأن يبدد المستأجر أثاث المنزل أو الآلات الزراعية ،أو الماشية وفى هذه الحالة يرتكب جريمة خيانة الأمانة المستأجر الذي استأجر هذه الأشياء.

۳ـ عارية الاستعمال : عارية الاستعمال هي ” عقد يسلم به أحد الطرفين شيئا للآخر لينتفع به مدة معينة أو في غرض معين على أن يرجع المستعير عين المعار ويبقى للمعير ملكية الشيء وحوزة الشرعي بحيث لا يكون للمستعير إلا المنفعة “. فإذا استولى المستعير على شيء منقول تسلمه بمقتضى عقد إعارة عد مرتكبا لجريمة خيانة الأمانة .

وفى عارية الاستعمال يجب على المستعير رد الشيء بعينه بعكس عارية الاستهلاك الذي لا يلتزم فيه المستعير برد الشيء نفسه بل يرد شيء آخر مثله لأن الأول يهلك بالاستهلاك . وما يخصنا في جريمة خيانة الأمانة هي عارية الاستعمال وفقا لما جاء بالنص .

٤ـ الرهن : الرهن هو أحد عقود الأمانة وقد نص المشرع المدني في المادة ۱۰۹٦ على الرهن الحيازى فقال ” الرهن الحيازى عقد يلتزم به شخص ضمانا لدين عليه أو على غيره أن يسلم إلى الدائن أو إلى أجنبى يعينه المتعاقدان شيئا يرتب عليه للدائن حقا عينيا يخول حبس الشيء لحين استيفاء الدين وأن يتقدم الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في اقتضاء حقه من ثمن هذا الشيء في أى يد يكون .

وكما هو واضح فالرهن يعطى حق الأفضلية والأولوية للدائن المرتهن ، والدائن المرتهن هذا هو الذي يمكن أن يرتكب جريمة خيانة الأمانة بناءا على تسلمه الشيء بمقتضى عقد الرهن حيث يعتبر هذا الشيء المرهون في حيازته الناقصة ولكن إذا أخل بالتزامه وتصرف كما لو كان هو المالك الحقيقي للشيء فهو بذلك يعتدي على حـــق ملكية المالك الشرعي للشيء ويهدر حقه إذا استولى على الشيء وأعتبره مملوكا له.

كما يلتزم الدائن المرتهن بحفظ المرهون وصيانته وإرجاعه إلى الراهن بمجرد تنفيذ المدين لالتزاماته فإذا استولى على الشيء المرهون عد مرتكبا لجريمة خيانة الأمانة .

كما يرتكب الدائن المرتهن جريمة خيانة الأمانة إذا قام برهن الشيء المرهون لديه ضمانا لدين عليه لدى شخص آخر .

فعقد الرهن الحيازى يتضمن التزاما صريحا بالرد ولا يجوز الأنفاق على أن يصبح الدائن مالكا المال عند عدم سداد الدين

ولكن المادة ۱۱۲۱ مدني نصت استثناء على أنه :ـ

۱ـ يجوز للدائن المرتهن إذا لم يستوف حقه أن يطلب من القاضي الترخيص له في بيع الشيء المرهون بالمزاد العلني أو بسعره في البورصة أو السوق .

۲ـ ويجوز أيضا أن يطلب من القاضي أن يأمر بتمليكه الشيء وفاء للدين على أن يحسب عليه بقيمته بحسب تقدير الخبراء.

۵ ـ الوكالة : الوكالة عقد من ضمن العقود التي نصت عليها المادة ۳٤۱ عقوبات كعقد من عقود الأمانة ، وعرفها القانون المدني في المادة ٦۹۹ بأنها عقد يلتزم الوكيل بمقتضاه بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل والغالب أن تكون الوكالة بمقابل ولكنها قد تكون بدون مقابل وقد نصت المادة ۳٤۱ عقوبات ــ التي جعلت من الوكالة عقد من عقود الأمانة ــ على أن الوكالة قد تكون بأجرة أو مجانا .

والوكيل قد يتصور ارتكابه لجريمة خيانة الأمانة في حالة أن يمتنع عن رد ما لديه من مال للموكل حيث يحتفظ بالشيء الذي يحوزه حيازة ناقصة بنية تملكه ويحوله من حيازته الناقصة إلى حيازته الكاملة فهو بذلك يعتدي على حق ملكية المالك الحقيقي للشيء .

وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى ذاتها بقولها ” تتحقق جريمة خيانة الأمانة بكل فعل يدل على أن الأمين اعتبر المال الذي اؤتمن عليه مملوكا له يتصرف فيه تصرف المالك ” .

كذلك يعتبر الشريك الذي يتسلم مال الشركة جميعه بما فيه مال الشركاء يكون أمينا بمقتضى وكلاته عن بقية الشركاء فإذا استولى على المال بنية تملكه فهو خائن للأمانة .

ثانيا : أركان جريمة خيانة الأمانة : –

۱- الركن المادي

– ويتكون من أربعة عناصر :-

الأول: فعل مادي يتمثل فى اختلاس أو استعمال أو تبديد.

الثاني: أن يقع الفعل على مال منقول مملوك للغير (فلا تقع الجريمة على عقار).

الثالث: أن يكون ذلك المال قد سبق تسليمه للجاني بموجب عقد من عقود الأمانة المحددة على سبيل الحصر فى المادة ۳٤۱ عقوبات (فلا يجوز القياس عليها).

وبرغم مما هو مقرر بقواعد الإثبات الجنائي من حرية القاضي الجنائي فى الإثبات، إلا أن إثبات قيام عقد الأمانة – وهو من العقود المدنية – يجب أن تتبع فيه قواعد الإثبات فى القانون المدني، فيجب إثباته بالكتابة إن كانت قيمته تتجاوز خمسمائة جنيه.

الرابع: الضرر، حيث يعد الضرر عنصراً فى الركن المادي للجريمة لا تقوم بدونه (ويستفاد ذلك من عبارة “إضرارا بمالكيها”).

۲- الركن المعنوي:

جريمة خيانة الأمانة جريمة عمدية يتمثل ركنها المعنوي فى القصد الجنائي بعنصريه: “العلم” و “الإرادة”، فيجب أن يعلم الجاني بكافه عناصر الركن المادي، أي أن يعلم أن المال مملوك للغير، وأن حيازته لذلك المال هي حيازة ناقصة وليست حيازة كاملة وأن تتجه إرادته إلى حرمان المالك من حقوقه على الشيء المؤتمن عليه والتصرف فى الشيء تصرف المالك.

ثالثا : القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة : –

في بيان ذلك قضت محكمة النقض : –

القصد الجنائى فى جريمة خيانة الأمانة لا يتحقق بمجرد تصرف المتهم فى الشئ المسلم إليه أو خلطه بما له ، و إنما يتطلب فوق ذلك ثبوت نية تملكه إياه و حرمان صاحبه منه . فإذا كانت المحكمة لم تستظهر هذا الركن الأساسى فى حكمها فإن الحكم يكون قاصراً قصوراً يعيبه و يستوجب نقضه .

( الطعن رقم ۱۳٤۸ لسنة ۲۰ ق ، جلسة ۱۸-۱۲-۱۹۵۰)

إن المحكمة غير ملزمة بالتحدث إستقلالاً عن ركن القصد الجنائى فى جريمة خيانة الأمانة إذا كان ما أوردته فى حكمها كافياً لإستظهاره كما هو معرف به فى القانون .

( الطعن رقم ۷۷۹ لسنة ۲۵ بتاريخ ۱۲-۱۲-۱۹۵۵ )

حيث إن الحكم الإبتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إقتصر فى بيانه لواقعة الدعوى على ما مؤداه أن الطاعن قد تسلم من المجنى عليه السيارة موضوع الإتهام لبيعها ثم فوجىء بعد ذلك بفقدها . و هذا الذى أورده الحكم و بنى عليه إدانة الطاعن بجريمة التبديد لا تتحقق به أركان هذه الجريمة كما هى معرفة به فى القانون و لا يكفى فى بيان توافر القصد الجنائى لدى الطاعن لأن هذا القصد لا يتحقق بمجرد التأخر فى الوفاء أو بتصرف المتهم فى الشىء المسلم إليه بل يتعين أن يقترن ذلك بإنصراف نية الجانى إلى إضافة المال إلى ملكه و إختلاسه لنفسه إضراراً بصاحبه .

لما كان ذلك ، و كان القانون قد أوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة ، و كان الحكم الإبتدائى الذى إعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه قد خلا من إستظهار ركن القصد الجنائى ، فإنه يكون قاصر البيان .

( الطعن رقم ۵۱۹۱ لسنة ۵۵ ق ، جلسة۱۱-۰٦-۱۹۸۷ )

من المقرر أن التأخير فى رد الشئ أو الإمتناع عن رده إلى حين لا يتحقق به الركن المادى لجريمة التبديد ما لم يكن مقروناً بإنصراف نية الجانى إلى إضافة المال الذى تسلمه إلى ملكه و إختلاسه لنفسه إضراراً بصاحبه ، إذ من المقرر أن القصد الجنائى فى هذه الجريمة لا يتحقق بمجرد قعود الجانى عن الرد ، و إنما يتطلب فوق ذلك ثبوت نية تملكه إياه و حرمان صاحبه منه ،

و لما كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر هذا الركن الأساسى و لم يرد على دفاع الطاعن – فى شأن عرض المنقولات على المجنى عليها بما يفنده فإنه يكون قاصراً قصوراً يعيبه .

( الطعن رقم ٦۲۵ لسنة ۵۹ ق ، جلسة ۲۹-۰۱-۱۹۹۱)

لما كانت جريمة خيانة الأمانة تتحقق بكل فعل يدل على أن الأمين إعتبر المال الذى أؤتمن عليه مملوكاً له يتصرف فيه تصرف المالك ، و يتحقق القصد الجنائى فيها بتصرف الحائز فى المال المسلم إليه على سبيل الأمانة بنية إضاعته على ربه و لو كان هذا التصرف يتغيير حيازته الناقصة إلى ملكية كاملة مع بقاء عين ما تسلمه تحت يده و لا يشترط لبيان القصد الجنائى فى تلك الجريمة أن يتحدث عنه الحكم بعبارة صريحة مستقلة ،

بل يكفى أن يكون مستفاداً – من ظروف الواقعة المبينة به – أن الجانى قد إرتكب الفعل المكون للجريمة عن عمد و بنية حرمان المجنى عليه من الشئ المسلم إضراراً به ، و كان الحكم المطعون فيه لم يخطىء تقدير ذلك كله ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير سديد .

( الطعن رقم ٤۵۹۵ لسنة ۵۸ جلسة ۲۷-۱۲-۱۹۸۹ )

رابعا : اثبات جريمة خيانة الأمانة : –

في بيان ذلك قضت محكمة النقض تحديد التاريخ الذى تمت فيه جريمة التبديد لا تأثير له فى ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد إطمأنت بالأدلة التى أوردتها على حصول الحادث فى التاريخ الذى ورد فى وصف التهمة دون ما إعتراض من الطاعن بالجلسة .

( الطعن رقم ۱۲۵٤ لسنة ۲۵ ق ، جلسة۲۰/۲/۱۹۵٦ )

في بيان ذلك قضت محكمة النقض كذلك

لا يشترط فى القانون لقيام جريمة التبديد حصول المطالبة برد الأمانة المدعى بتبديدها ، إذ للمحكمة مطلق الحرية فى تكوين عقيدتها و فى أن تستدل على حصول التبديد من أى عنصر من عناصر الدعوى.

( الطعن رقم ۲۷ لسنة ۲۸ ق ، جلسة ۸/٤/۱۹۵۸ )

إن تسليم الورقة الممضاة على بياض هو واقعة مادية لا تقتضى من صاحب الإمضاء إلا إعطاء إمضائه المكتوب على تلك الورقة إلى شخص يختاره ، و هذه الواقعة المادية منقطعة الصلة بالإتفاق الصحيح المعقود بين المسلم و أمينه على ما يكتب فيما بعد فى تلك الورقة بحيث ينصرف إليه الإمضاء ، و هذا الإتفاق هو الذى يجوز أن يخضع لقواعد الإثبات المدنية كشفاً عن حقيقته ، أما ما يكتب زوراً فوق الإمضاء فهو عمل محرم يسأل مرتكبيه جنائياً متى ثبت للمحكمة أنه قارفه .

وعن أحكام وقوانين التوقيع على إيصالات أمانة دون كتابة المحتوى،

ونوضح كيفية التعامل في حالات التوقيع على إيصالات أمانة بحالاتها المختلفة.

التشريع الجنائي العقابي أفرد نصاً خاصاً لجريمة خيانة الأمانة ووضع لها عقوبة الحبس التي تصل مدته إلى ثلاث سنوات، نص عليها على سبيل الحصر في المادة (341) من قانون العقوبات ويجوز للمحكمة ان تحكم مع الحبس بغرامة لا تتجاوز المائة جنيها مصريا منها عقد الأمانة أو ما جرى العرف على تسميته إيصال أمانة.

و لخطورة هذا العقد لما أسبغه عليه المُشرع من حماية جنائية فقد أشترط المشرع شروطاً لابد من توافرها مجتمعة في هذا العقد ـ من الناحية الواقعية – لكي نعتبر من لا يقوم بالوفاء بموضوع هذا العقد
خائناً للأمانة ومبدداً.

أول هذه الشروط أن يكون محل هذا العقد مبلغ من النقود، وثانيها أن يكون قد تم تسليم النقود بالفعل من يد الدائن إلى يد المستلم، وثالثها أن يقوم المدين ـ مستلم المبلغ ـ بتبديد هذا المبلغ المالي وعدم تسليمه عند طلبه كما هو متفق عليه وفي هذا كله أحسن المشرع صنعاً بإفراده نصاً يجرم خيانة الأمانة ليضمن إستقرار المعاملات في المجتمع وكضمان قانوني لمن يقوم بتسليم غيره مبلغاً من النقود إما لتوصيله لطرف ثالث وهو إيصال الأمانة ذو الثلاث أطراف أو ليطلب المبلغ ويأخذه عند الطلب أو كما هو متفق عليه في إيصال الأمانة بين طرفين فقط، إلى هنا نتفق مع هذا التشريع ونقره.

إلا أن الواقع العملي يشهد في كثير من الأحيان عكس ذلك، إذ أن تسعون بالمائة على أقل تقدير من إيصالات الأمانة غير صحيح من الناحية الواقعية لعدم إكتمال أركانها التي نص عليها القانون إذ أن المعترف به في المعاملات التجارية أن التجار رغبة منهم في حسن تحصيل أقساط الديون لدى عملائهم يلجأؤن بالمخالفة للواقع والقانون إلى تحرير إيصالات أمانة للضغط على العملاء لسرعة السداد نظراً لما لإيصال الأمانة من حماية جنائية غير متوافرة للأوراق التجارية “الكمبيالة أو السند الأذنى”.

حيث إن توقيع إيصالات الأمانة على بياض دون كتابة محتواه ، قد يؤدى أحياناً إلى الحكم ببراءة المتهم حال تقديم شكوى بهذا الإيصال.

أن شرط البراءة للمتهم يأتي بإثبات بتوقيع المتهم للإيصال على بياض، وقيام المجنى عليه بكتابة صلب الإيصال فى تاريخ لاحق لتوقيع المتهم، وأن كتابة المحتوى بخط غير الخط الخاص بالمتهم نفسه، وهو ما يسمى بإنتفاء ركن التسليم، كما يحق للمتهم بعد حصوله علي البراءة، أن يقاضى المجني عليه بتهمة استغلال توقيعه بجنحة خيانة الإئتمان وفقاً لنص المادة (340) من قانون العقوبات.

و لأن العملاء بسبب الأحوال الاقتصادية يرغبون في إتمام البيوع فإنهم يوقعون على إيصالات الأمانة رغم عدم توافر أهم شروطها وهو تسلم المبلغ المدون في الإيصال فعلياً، بل الأدهى من ذلك أنه في الغالب يتم توقيع الإيصال دون أن يذكر فيه المبلغ أو حتى اسم المستفيد وهو ما يسمى (إيصال على بياض) فيقوم بعد ذلك من حرر لصالحه الإيصال بكتابته بأي مبلغ يراه وفي العادة يكون مبلغ كبير للغاية عن القيمة الحقيقية للدين وذلك للضغط على المدين من ناحية لتشديد العقوبة ومن ناحية ثانية لكي تكون قيمة الكفالة عالية فيعجز عن دفعها المدين مفضلاً سداد الدين ومن ناحية ثالثة ليضمن الدائن عدم مماطلة المدين ووصوله لأخر مراحل التقاضي ثم سداد قيمة الإيصال في المحكمة إذا رفض الدائن إستلامها بعد طول المدة،

مما يضر أشد الضرر بالبسطاء. فالعديد ممن يقضون عقوبة الحبس لما يصل إلى ثلاثة سنوات ويخرج بعدها صاحب سابقة إجرامية ما كان له من ذنب جناه سوى انه بسيط الحال وأراد أن يدخل السعادة على أولاده فاشترى لهم سلعة معمرة وتعثر في سداد إقساطها فحكم عليه بالحبس في تهمة لم يرتكبها إذ إنه لم يكن خائناً ولم تكن هناك أمانة من الأساس سلمت إليه. والوضع الطبيعي لإقتضاء هذا الدين هو المطالبة القضائية المدنية فإذا لم يقم بالسداد يتم الحجز على أي شيء يمتلكه بقيمة الدين دون حبسه كما أسلفنا.

إن تسليم الورقة الممضاة علي بياض واقعة مادية لا تقتضي من صاحب الامضاء إلا إعطاء إمضائه المكتوب علي تلك الورقة إلي شخص يختاره وهذه الواقعة المادية منقطعة الصلة بالاتفاق الصحيح المعقود بين المسلم وأمينة علي ما يكتب فيما بعد في تلك الورقة بحيث يتصرف إليه الإمضاء وهذا الاتفاق هو الذي يحوزان يخضع لقواعد الاثبات المدنية كشفا عن حقيقة أمام ما يكتب زورا فوق الامضاء فهو عمل محرم يسال مرتكبيه جنائيا متي ثبت للمحكمة فانه فارقة

تنص المادة 341 من قانون العقوبات على أنه:

“كل من اختلس أو استعمل أو بدد مبال أو متعة أو بضائع أو نقوداً أو تذاكر أو كتابات أخرى مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك إضرارا بمالكيها أو أصحابها أو واضعي اليد عليها، وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم إلا على وجه “الوديعة” أو “الإجارة” أو على سبيل “عارية الاستعمال” أو “الرهن” أو كانت سلمت له بصفة كونه “وكيلاً – بأجرة أو مجاناً – بقصد عرضها للبيع أو بيعها أو استعمالها في أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره”، يحكم عليه بالحبس ويجوز أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري”.

( الطعن رقم ۱۰۲۸ لسنة ۲۸ مكتب فنى ۱۰ صفحة رقم ۱٤۳ بتاريخ ۰۳-۰۲- ۱۹۵۹ )

من المقرر قانوناً أن ما يتعين التزام قواعد الإثبات المدنية فيه عند بحث جريمة التبديد هو عقد الأمانة فى ذاته ، أما الاختلاس فهو واقعة مستقلة يصح للمحكمة الجنائية التدليل عليها بجميع طرق الإثبات دون أن تقف فى سبيلها القاعدة المدنية القاضية بعدم تجزئة الإقرار .

( الطعن رقم ۱۲۲۱ لسنة ۳۰ مكتب فنى ۱۲ صفحة رقم ۷۹۷ بتاريخ ۱٦-۱۰-۱۹٦۱

من المقرر أن المحكمة فى جريمة خيانة الأمانة فى حل من التقيد بقواعد الإثبات المدنية عند القضاء بالبراءة لأن القانون لا يقيدها بتلك القواعد إلا عند الإدانة فى خصوص إثبات عقد الأمانة .

( الطعن رقم ۲۱۵۵ لسنة ۵۱ مكتب فنى ۳۲ صفحة رقم ۱۱۵۳ – بتاريخ ۲۰-۱۲-۱۹۸۱ )

عقد الوكالة بالعمولة هو من العقود التجارية بنص القانون التجارى و قد أجازت المادة ۲۳٤ من القانون المدنى إثبات مثله بالبينة فلا يصح القول بعدم إمكان إثبات هذا العقد إلا بالكتابة عملاً بالقواعد المدنية .

( الطعن رقم ۸٤ لسنة ۱ ق ، جلسة ۲۸-۰٦-۱۹۳۱)

لا تتقيد المحكمة و هى تفصل فى الدعوى الجنائية بقواعد الإثبات المقررة فى القانون المدنى إلا إذا كان قضاؤها فى الدعوى يتوقف على وجوب الفصل فى مسألة مدنية هى عنصر من عناصر الجريمة المطروحة للفصل فيها ، فإذا كانت المحكمة ليست فى مقام إثبات إتفاق مدنى بين المتهم و صاحب الإمضاء و إنما هى تواجه واقعة مادية هى مجرد تسليم الورقة و إتصال المتهم بها عن طريق تغيير الحقيقة فيها إفتئاتاً على ما إجتمع إتفاقهما عليه ،

فلا يقبل من المتهم أن يطالب صاحب الإمضاء بأن يثبت بالكتابة ما يخالف ما دونه هو زوراً قولاً منه بأن السند المدعى بتزويره تزيد قيمته على عشرة جنيهات ، فمثل هذا الطلب و ما يتصل به من دفاع لا يكون مقبولاً إذ لازمه أن يترك الأمر فى الإثبات لمشيئة مرتكب التزوير و هو لا يقصد إلا نفى التهمة عن نفسه الأمر الممتنع قانوناً لما فيه من خروج بقواعد الإثبات عن وضعها .

( الطعن رقم ۱۰۲۸ لسنة ۲۸ ق ، جلسة ۰۳-۰۲-۱۹۵۹)

خامسا : انقضاء جريمة خيانة الأمانة : –

في بيان ذلك قضت محكمة النقض : –

ميعاد سقوط جريمة خيانة الأمانة لا يبدأ من تاريخ إيداع الشئ المختلس بل من تاريخ طلبه و الإمتناع عن رده أو ظهور عجز المتهم عن رده إلا إذا أقام الدليل على خلاف ذلك ، إذ يغلب فى جريمة التبديد أن يغير الجانى حيازته دون أن يكون هناك من الأعمال المادية الظاهرية ما يدل على ذلك . فلا تثريب على الحكم فى إعتبار تاريخ إمتناع الطاعن عن رد عقدى الوديعة بعد مطالبته بهما تاريخاً لإرتكاب الجريمة.

( الطعن رقم ۱۲۱٦ لسنة ۳٦ جلسة ۳۱-۱۰-۱۹٦٦ )

إن سن القاصر إزاء وصيه إذا إختلس ماله ليس لها أى تأثير فى التاريخ الذى تقع فيه جريمة الإختلاس إذ المناط فى تحديد تاريخ الجريمة هو بحقيقة الوقت الذى وقعت فيه بالفعل . فإذا وجدت أمارات تدل على حصول الإختلاس فإن تاريخ الجريمة يعتبر من وقت وجود هذه الأمارات ، فإن لم توجد فإن الجريمة لا يعتبر لها وجود إلا من اليوم الذى يمتنع فيه المتهم عن رد المال أو يثبت عجزه عن ذلك بعد تكليفه به بأية طريقة من الطرق .

فإذا كان الثابت بالحكم أن القاصر بعد إنتهاء الوصاية قد تحاسب مع الوصى و حررا ورقة بذلك ، و تعهد الوصى بأن يؤدى للقاصر فى تاريخ معين المبلغ الذى أظهره الحساب ثم لم يوف بتعهده ، و حكت المحكمة بالعقاب على أساس ما رأته من أن الدعوى لم يسقط الحق فى إقامتها لأن المحاسبة و ما تلاها ليس فيها ما يدل على عجز المتهم عن الرد ، بل إن العجز إنما ظهر فى وقت إمتناع المتهم عن الوفاء بتعهده حتى قدمت الشكوى ضده مما يتعين معه إعتبار هذا الوقت مبدأ لحساب مدة السقوط ، فإن هذا الحكم لا يقبل الطعن عليه من ناحية مبدأ سريان المدة .

( الطعن رقم ۱۷۱۲ لسنة ۹ ق ، جلسة ۰٤-۱۲-۱۹۳۹)

– من المقرر أن تعيين تاريخ وقوع الجرائم عموماً و منها جريمة خيانة الأمانة مما يستقل به قاضى الموضوع و لا رقابة عليه فى ذلك لمحكمة النقض و كان ميعاد إنقضاء الدعوى الجنائية بجريمة خيانة الأمانة لا يبدأ من تاريخ إيداع الشئ المختلس لدى من أؤتمن عليه بل من تاريخ طلبه و الإمتناع عن رده أو ظهور عجز المتهم عنه إلا إذا قام الدليل على خلافه .

سادسا : ما لا يؤثر في قيام الجريمة : –

في بيان ذلك قضت محكمة النقض : –

من المقرر أن السداد اللاحق لوقوع الجريمة لا يؤثر فى قيامها .

( الطعن رقم ۲۷۵ لسنة ٤۱ بتاريخ ۱٦-۰۵-۱۹۷۱ )

القضاء مستقر – فيما يتعلق بجريمة الإختلاس – على أنه متى ثبت على المتهم عدم إستعماله المبلغ المسلم إليه فى الغرض المتفق عليه و لم يرد المبلغ إلا بعد الشكوى فى حقه و ثبت كذلك قيام نية الإختلاس عنده فإن تسديد المبلغ المختلس لا يرفع الجريمة عنه ، بل قد يكون سبباً للتخفيف.

( الطعن رقم ۲٤۲٤ لسنة ٤٦ ق ، جلسة ۱٤-۱۱-۱۹۲۹)

لما كان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التبديد التى دان بها الطاعن ، و كان ما يثيره من أنه أضحى عرضة للتنفيذ عليه – فى الشق المدنى – بالحكمين التجارى و المطعون فيه معاً ، غير سديد لما هو ثابت من الحكم المطعون فيه من أن الحكم التجارى قد سبق تنفيذه بالفعل و تبين من محضر هذا التنفيذ – المحرر فى ۲۱ من يونية سنة ۱۹۷۲ – إستحالة التنفيذ العينى بالنسبة لكمية الذهب موضوع الدعوى الماثلة لتبديدها ،

و من ثم لم يبق سوى التنفيذ بطريق التعويض بموجب الحكم المطعون فيه ، لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

( الطعن رقم ۵۳۹ لسنة ٤۷ ق ، جلسة ۰۹-۱۰-۱۹۷۷)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *