سلطة المشرع في الحد من تطبيق نظام وقف تنفيذ العقوبات.
(١) الاصل أن النطق بالعقوبة يقتضي تنفيذها وألا كان الحكم بها لغوا. بيد أن هذآ الأصل غير مطرد إذ هناك احوال يقض بها بالعقوبة ورغم ذلك لآ تنفذ لعله خاصه بحيث يكون الحكم بها بمثابة انذار للمحكوم عليه كي يصلح أحواله وألا ينغمس في الاجرام مره أخري ويتحقق ذلك متي رأي القاض أن المتهم بحسب ظروف الجريمة وطبيعته الشخصية ومكانته الاجتماعية ان عاد به الزمن مأ كان يقدم علي الجريمة وأنه من الصعب معاوده الأجرام في المستقبل.
فوقف تنفيذ العقوبة يعني تعليق تنفيذها على شرط موقف خلال مدة تجربة يحددها القانون وبشروط معينة متي ارتأت المحكمة أن عودة الجاني إلي الإجرام مره أخري نذر يسير وأنه في هذا النطاق الهزيل لا يشكل ثمه خطورة إجرامية وأن ايداع المتهم السجن واختلاطه بارباب السوابق لا يحقق اغراض العقوبة.
ونظام وقف تنفيذ العقوبة تنصرف أثاره إلى إجراءات تنفيذها اذ يعني تعطيل اتخاذها فإن كان الحكم بعقوبة سالبة للحرية لا تنفذ العقوبة وإن كان الحكم بغرامة فلا يطالب بأدائها. و لهذا كان المحكوم عليه بإيقاف التنفيذ يشابه من لم يوقع عليه عقوبة كل ما في الأمر أن الأول وضع له القانون شروط معينة خلال مدة معينة فإذا تحقق الشرط خلال المدة نفذت العقوبة وإذا لم يتحقق الشرط خلال تلك المدة فلا تنفذ العقوبة ويعتبر الحكم كأن لم يكن.
ووقف التنفيذ ليس حقا المتهم بل هو رخصه للقاض يستعملها بغض النظر عما إذا كان الجاني عائدا أو جديدا أو خلو صحيفة سوابقه من عدمه مادام تلمس أن الجاني لم ينزلق إلي الإجرام مره أخري. ويلاحظ أن ما ذكرة المشرع في المادة 55 عقوبات من ظروف للمتهم قد تدعوا القاض الي إيقاف التنفيذ بقولها إذا رأت المحمكة من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكب الجريمة فيها ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة القانون لا يعدوا الأمثال.
والراي مستقر أنه إذا تعدد المتهمين في واقعة واحدة كان للقاضي الحرية المطلقة في أن يوقف تنفيذ العقوبة على متهم ولا يوقف التنفيذ على باقي المتهمين.وان تعددت العقوبات التي حكم بهاعلى المتهم فالقاضي له السلطة التقديرية في تحديد إذا كان يشمل الإيقاف كل العقوبات أم بعضها وكذا كل آثار حكم الإدانة أم بعضها.فمثلاً إذا كانت العقوبة هي الحبس أقل من عام والغرامة معاً فللقاضي أن يحكم بوقف العقوبتين أو الحبس دون الغرامة أو الغرامة دون الحبس
(الطعن رقم 11103 لسنة 80 جلسة 2016/12/17)
والقاضي له السلطة التقديرية في الحكم بوقف تنفيذ العقوبة الأصلية والتكميلية والتبعية معاً أو الأصلية فقط دون الباقي. ولقد نظم المشرع أحكام وقف تنفيذ العقوبة في المواد 55 من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937. ولعل اهم ما يثار بشأن وقف تنفيذ العقوبة هو نطاق العقوبات التي يشملها الوقف من جهه وهل يملك المشرع حظر ايقاف تنفيذ بعض العقوبات بصدد جرائم بعينها من جهه أخري.
(٢) فأما بالنسبة للعقوبات التي يشملها الوقف فأن المادة 55 من قانون العقوبات لا تجيز للمحكمة أن تأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة إلا عند الحكم فى جناية أو جنحة بالغرامة أو الحبس مدة لا تزيد على سنة, بما مؤداه أنه إذا زادت عقوبة الحبس المقضي بها عن سنة أو كانت العقوبة هي السجن أو الأشغال الشاقة فإنه لا يجوز للمحكمة أن تأمر بإيقاف تنفيذها. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة المطعون ضده بالحبس لمدة ثلاث سنوات وأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة فإنه يكون قد أخطأ لمخالفته نص المادة 55 من قانون العقوبات
(الطعن رقم 22541 لسنة 61 جلسة 2001/04/29)
وكذلك لو حكم بالحبس سنتين
(الطعن رقم 19487 لسنة 59 جلسة 1993/11/30 س 44 ع 1 ص 1088 ق 169)
ويستقر قضاء النقض علي أن نظام وقف تنفيذ العقوبة يقتصر علي العقوبات الجنائية البحته فلا ينصرف إلى الإزالة
(جلسه 1989/3/9س40ص381)أو إغلاق محل(جلسة 1992/12/30 س43ص1252)
أو المصادرة
(جلسه 1966/2/14س17ص129)
أو التعويضات المحكوم بها في الدعوي.وفي ذلك تقول النقض أن نظام وقف التنفيذ يقتصر على العقوبات الجنائية البحتة دون غيرها من جزاءات ولو كان فيها معنى العقوبة ومن ثم لا يجوز إيقاف التنفيذ في التعويضات وفي ذلك تقول النقض من المقرر أن المادة 55 من قانون العقوبات حين نصت على جواز وقف تنفيذ العقوبة عند الحكم في جناية أو جنحة بالحبس أو الغرامة إنما عنت العقوبات الجنائية بالمعنى الحقيقي دون الجزاءات الأخرى التي لا تعتبر عقوبات بحتة حتى ولو كان فيها معنى العقوبة فهو إذن لا يجوز في التعويضات التي لا تعد عقوبات إذا المقصود منها جبر الضرر بأنواعه
(الطعن رقم 13853 لسنة 4 جلسة 2014/04/15 س 65)
وقضت النقض أيضأ أن العقوبة التكميلية لأ يجوز وقف تنفيذها ومن ثم فإن الحكم بوقف تنفيذ ضريبة الاستهلاك والتعويض وبدل المصادرة المقضى بها خطأ فى القانون
(الطعن رقم 8421 لسنة 58 جلسة 1989/03/09 س 40 ص 381 ق 62)
وكذلك الغرامة النسبية والرد
(جلسه1970/٣/١س21ص322)
(٣) واما بالنسبه لسلطة المشرع في استبعاد العقوبات المحكوم بها في بعض الجرائم من نطاق وقف التنفيذ مثل حظر وقف التنفيذ في الجنح على من سبق الحكم عليه في الجرائم الخاصة بمكافحة المخدرات أو جرائم التبوير فإن ذلك ينطوي علي مخالفه دستورية للتدخل في أعمال السلطة القضائية اذ نظام وقف التنفيذ يدخل في سياسة تفريد العقوبة التي هي التطبيق المباشر للعقوبة
وهذا التطبيق حكرا علي القضاء ولا يملك المشرع وضع قيود عليه تحد منها أو تقلصها ايما كانت الجريمة فذلك من اختصاص القاض وليس المشرع. ولهذا حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 157 من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 فيما تضمنه من عدم جواز وقف تنفيذ عقوبة الغرامة
(حكم المحكمة الدستورية العليا في ١٩٩٥/٢/٢القضيه رقم ١٥لسنه ١٧ق:وحكمها في ١٩٩٧/٧/٥القضية رقم ٢٤لسنه ١٨ق).