متى يتم رد الطعن من الناحية الشكلية؟

متى يتم رد الطعن من الناحية الشكلية؟

يرد الطعن من الناحية الشكلية ، وذلك عند إخلال الطاعن بأحد الشروط الإجرائية التي وضعها المشرع كنوعً من الضمانات القضائية لمصلحةٍ معتبرة ،   ويتمثل ذلك في حالتين الأولى  إذا كان قد تم تقدم الطعن بعد مضي المدة القانونية، والثانية إذا كانت عريضة الطعن خالية من الأسباب القانونية التي يبنى عليها الطعن.  وعلى محكمة الطعن مراعاة ذلك دون حاجة لإثارته من قبل الخصوم، ويعد هذا الأمر بنظرنا خروجا عن القاعدة التي أقرها المشرع في المادة(218م0م0ع) في عدم مناقشة باقي الدفوع والأسانيد وأسباب الطعن الأخرى ؛ ويمكن أن نبرر ذلك بأنه لا فائدة عملية ترجى من ذلك بعد رد الطعن . ونلاحظ على اتجاه القضاء العراقي في تأكيده على مسألة مدة الطعن دون أسبابه أثناء نظر الطعن شكلا (1).

إذ يذهب في ذلك إلى تقسيم عملية نظر الطعن إلى مرحلتين الأولى تفحص فيها محكمة الطعن مدة تقديمه ويسميها (الفحص من الناحية الشكلية ) ،والثانية تفحص فيها محكمة الطعن توفر أسباب الطعن ويسميها (الفحص من الناحية الموضوعية )،وقد نجد تبرير ذلك فيما ذهب إليه البعض (2). بأن هذه الشرط لا يقصد به تدقيق هذه الأسباب والنظر فيها بل تنظر محكمة الطعن في مجرد احتواء العريضة التمييزية على أحد أسباب الطعن المنصوص عليها قانونا بحيث لو صحت لتم نقض الحكم بسببها ويتم ذلك كله أي التدقيق والنظر الشكلي والموضوعي في جلسة واحدة .

أما في مصر فالأمر في خلاف حيث يعرض في هذه المرحلة على الدائرة المختصة بأكملها ولكن في غرفة المشورة دون إعلان الخصوم أو حضورهم، وذلك لتقوم بفحص الطعن مبدئيا لتقرير قبول نظره أو عدم قبوله في ضوء الأوراق التي يشتمل عليها ملف الطعن ؛ فإذا رأت محكمة الطعن بطلان إجراءات رفع الطعن ،أو بطلان صحيفته أو عدم توفر أحد شروطه مثل عدم توفر المصلحة، أو بسبب قبول الطاعن للحكم، أو فوات مدته ، أمرت المحكمة بعدم قبول الطعن (3).

 أما إذا أختل أحد أركان الطعن بسبب عدم قابلية الحكم للطعن فيه أو عدم قيام الطعن على أسبابه ،فعندئذ تأمر المحكمة بعدم جواز نظره لا انعدامه ،مع ملاحظة وجوب التفرقة بين عدم قبول الطعن وعدم جواز نظره في مصر حيث لم يلاحظ الفقه المصري ذلك (4). ويأخذ ذلك الأمر شكل الحكم إلا أنه لا يشتمل على بياناته ، وإنما يكتفي  بثبوته في محضر الجلسة مع إشارة موجزه لسببه ، ولا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن (5).

أما في العراق فان عريضة الطعن وإضبارتها تعرض على رئيس محكمة التمييز ليحدد الهيئة المختصة بنظرها ومن ثم يحال الطعن إلى تلك الهيئة لتقرر إيداعه لأحد أعضائها الذي يدرس القضية والطعن المقدم بها وإن كان عليه أن يدرس الحكم    لا قضيته ،ومن ثم يقدم ملخصا بذلك إلى الهيئة في أحد جلساتها لترى فيه ما تراه ملائماً. ثم تصدر قرارها في الطعن من الناحية الشكلية والموضوعية ومن ثم ينظم كتاباً بطيه القرار ويوقع من قبل نائب رئيس محكمة التمييز (6).

ويرسل إلى المحكمة التي أصدرت الطعن ،أما إذا رأت الهيئة الخاصة ضرورة العدول عن مبدأ قانوني سابق أمرت بإحالة الطعن إلى الهيئة العامة لنظره(7). مع ملاحظة صلاحية رئيس محكمة التمييز في إحالة الطعن إلى الهيئة الموسعة لنظره(8). في وجوب إحالة الطعن الثاني إلى الهيئة العامة لنظره إذا سبق وان نقض الحكم السابق ومن ثم أصرت محكمته عليه 0وتصدر محكمة الطعن في كل الأحوال  قرارها المتضمن رد الطعن أو عدم قبوله شكلاً أو موضوعاً في صورة حكم قضائي له مقوماته العادية إضافة لما نصت عليه المادة(218م0م0ع)0وقد أثار الفقه (9).

تساؤلاً مفاده إذ رد الطعن شكلاً ولم تزل مدة الطعن مفتوحة بالنسبة للطاعن ؛ فهل يجوز له تقديم طعن أخر ؟ لم ينظم المشرع هذه الحالة، إلا أن الاتجاهات الفقهية والقضائية في فرنسا جرت على عدم قبول طعن جديد ولو أن مدة التمييز لم تنقضِ بعد ؛ تطبيقا للقاعدة “لا طعن على طعن “المنصوص عليها في المادة39من الباب الرابع من القسم الأول من نظام محكمة النقض الفرنسية لعام 1738م(10). أما في مصر والعراق وبسبب عدم وجود نص تشريعي ينظم هذه الحالة فقد ذهب البعض إلى سلوك الاتجاه الفقهي الفرنسي0 وذهب البعض الأخر إلى إجازة تقديم طعن جديد متداركا العيب الشكلي الوارد في الطعن القديم (11).

مبررين ذلك بأن الطعن الباطل شكلا إذا رفض أعتبر كأن لم يكن أصلا أو لم يرفع إطلاقا ، ولعدم وجود نص يمنع الطاعن من تقديم طعن جديد بالتمييز إذا رد الطعن لعيب شكلي ، ونضيف نحن بدورنا وطبقا لمبدأ المخالفة لحتمية مدد الطعن نرى عدم حرمان الطاعن من حقه في تقديم طعن جديد بإجراءات جديده ورسوم جديدة مادامت مدة الطعن لم تنتهِ بعد، وأن كنا نعتقد أنها حالة نظرية فحسب ؛وذلك لطول الفترة التي تمر قبل أن تنظر محكمة الطعن في العريضة المقدمة لها مع ملاحظة أن الرد لعيب شكلي كما قلنا يعود لسبب وحيد مضمونه فوات مدة الطعن والذي لا يمكن إصلاحه وإعادة الزمن إلى الوراء من أجله .

ونعود لموضوعنا، فنلاحظ أن المشرع المصري  قد أطال وزاد في مراحل نظر الطعن بل وعرقل سيره أمام محكمة الطعن بتطلبه توفر ووجود أمور لا تؤثر جديا في موضوع الطعن وأساسه ؛ مما يدل على عدم فهم لحقيقة الطعن التمييزي وماهيته ، وقد جاره الفقه المصري في ذلك دون تبصر أو تعقل لحقيقة الموضوع مما يدل على أنه سار على نهج مدرسة الشرح على المتون التي طالما دعا الفقه نفسه إلى رفضها ، فقد أفرد الاتجاه التشريعي المصري مرحلة سابقة على نظر الطعن أطلق عليها مرحلة تحضير الطعن عن طريق السماح للخصوم بتقديم وتبادل مذكرات الدفاع والرد بين الطاعن ومن تدخل إلى جانبه وبين المطعون ضده ومن تدخل إلى جانبه ؛ ومذكرات الدفاع دون الادعاء الذي انحصر ابتداء بصحيفة الطعن عملا بمبدأ ثبات النزاع أمام القضاء(12).

بل  وقد أورد نصاً غريبا لا نجد فيه قيمة قانونية حيث نص في المادة 262م0م0مصري “لا يجوز لقلم الكتاب لآي سبب أن يقبل مذكرات أو أورقا بعد انقضاء المواعيد المحددة لها ،وإنما يجب أن يحرر محضرا يثبت فيه تاريخ تقديم الورقة وأسم من قدمها وصفته وسبب عدم قبولها ” ولا نعرف ما قيمة هذه الورقة لاحقا في قضية الطعن وما هي حجية المحضر الذي نظم لها وهل ستؤخذ بنظر الاعتبار أم لا ؟ فأن قبلتها محكمة النقض ؛ فما هو الداعي للمواعيد أصلا وإذا لم تقبلها فلماذا حرر المحضر أصلا ، لان ذلك يعني عدم قبولها الضمني بتجاوز المواعيد ،

هذا بالإضافة إلى ما يمكن أن نذكره عن المادة(256م0م0مصري) والتي تنص على عدم بطلان إعلان صحيفة الطعن نفسها إذا لم يراعِ قلم الكتاب وقلم المحضرين المواعيد المقررة لإعلان الصحيفة وهذا كما هو واضح سيجد نوعاً من عدم التنظيم لحقوق المواجهة والمجابهة والدفاع والتي حاول المشرع المصري عبثا الحفاظ عليها والحفاظ على هدف نظام الطعن عموما في سرعة الفصل فيه وعدم إطالة نزاع الطعن لاستقرار الأحكام والمعاملات المدنية0وحتى ما فرضه المشرع المصري في المادة (257م0م0مصري) من غرامة على العاملين بأقلام المحضرين وكتاب محكمة النقض عند عدم القيام بأي من الإجراءات المقررة في المادتين(255و256م0م0مصري) في المواعيد المحددة لها ، وأن كان يكفي لحث هؤلاء إلا انه لن يؤدي الغرض المقصود من تلك الإجراءات وعموما بعد كل ما سبق وانقضاء المواعيد الخاصة بمذكرات الرد والإدخال يرسل قلم محكمة النقض ملف الطعن إلى النيابة العامة (13).

 لتقدم مذكرة بأقوالها ومن ثم يعيين للملف مستشارا مقررا ليقدم خلاصة به لمحكمة النقض(14).  والى هنا تنتهي مرحلة تحضير الطعن لتبدأ مرحلة فحص الطعن ، وقد يستوجب وجود عدة طعون مقدمة في الحكم نفسه من محكمة النقض القيام بتوحيد لها إذا كانت ضمن الموضوع نفسه وعلى الحكم نفسه وللغرض نفسه ،وذلك لتقليل الإجراءات والاقتصاد بالنفقات (15). ولنا هنا وقفة فقد أعطى القانون المصري النيابة العامة دوراً هاما لا يستهان به، والتي كانت في بادئ الأمر جزءاً من النيابة العامة ومن ثم أصبحت لمحكمة النقض المصرية نيابة خاصة بها منذ عام1973م بموجب القانون رقم 13لسنة 1973م ،وقد يعتبر ذلك الأمر خروجا على مبدأ القضاء الخاص الذي تمثل فيه المصلحة الشخصية  للطرفين الغاية والهدف المراد تحقيقه منه ولكننا نرى في اتجاه المشرع المصري دليلاً أخر على الأهمية الاجتماعية والقانونية والقضائية لمحكمة النقض وما تهدف إليه من تحقيق المصلحة العامة وتعزيزٍ لدورها الرقابي .

ونثير هنا تساؤلا أخر ؛ ما لعمل إذا رفع الطعن لمحكمة طعن غير مختصة بنظره ؟ وهي حالة متوقعة في ظل القانون العراقي الذي منح الصفة التمييزية لمحكمة الاستئناف .فالجواب الأكيد هنا هو عدم قبول الطعن شكلا لتقديمه لغير صاحبة الجهة المختصة بنظره. ولكن هل يجوز رفع الطعن إلى الجهة المختصة بنظره مرة أخرى، وما هو أثر المدة في ذلك ؟ ونرى إن تقديم الطعن في مدته لمحكمة غير مختصة بناء على غلط مغتفر وفوات مدته بعد ذلك لا يمنع من إحالة الطعن من قبل المحكمة المقدم إليها إلى الجهة المختصة بنظره وذلك لتقليل حالات البطلان في الإجراءات ، ومثال  ذلك أن يقدم الطعن المحكوم عليه من دون أن يوكل محاميا عنه.

ولانطبق ذلك على القضاء المصري لأشترطه تقديم صحيفة الطعن من محامٍ مقبول أمام محكمة الطعن ؛فهذه الحالة وحالة تقديم الطعن في العراق من محامي تقلل حدوث الخطأ وتوجب أن يكون المحامي أكثر حرصا وعلما لذا فمثل هذا الخطأ لا يغتفر ويمنع إحالة الطعن أو نظره بعد فوات مدته ويوجب مسوؤلية محامي المحكوم عليه في التعويض على ذلك الإهمال ،وقد سارت محكمة الطعن عندنا على إحالة الطعن من تلقاء نفسها إلى المحكمة المختصة بنظر الطعن وهذا بحسب اعتقادنا، يعد عرفاً قضائياً يتماشى مع أحكام المادة(78م0م0ع)، بالرغم من عدم النص في القانون على ذلك إلا أن ذلك يساعد على الإقلال من حالات الأبطال الشكلي ويقلل من خسارة الجهد والتكاليف(16).

___________________

1-أنظرالقرار1910/م2/99في3/7/1999،والقرار2115/م/99في29/7/1999،والقرار1804/م2/1999،مشار إليهم في مجلة القضاء العراقية الاعداد1،2،3،4السنة53لعام1999-ص188،189،194 0

2 -أنظر سعدون القشطيني –المرجع  السابق –ص446،أدم وهيب –المرجع  السابق –ص389 0

3 -أنظر حمد أبو ألوفا –المرافعات -المرجع  السابق –ص830 0

4 – أنظر في تأكيد ذلك الدكتور أحمد حشيش –الدفع بعدم قبول الدعوى في قانون المرافعات المدنية والتجارية (رسالة مطبوعة)-منشأة المعارف بالإسكندرية 1986ص228بند161 0 

5 – انظر المادة 265م0م0مصري 0

6 – انظر المادة 150ق0ت0ق0ع

7 – انظر المادة 13-أ-1-ق0ت0ق0ع

8 انظرالمادة13-ب –3-ق0ت0ق0ع  والمادة215م0م0ع

9 -انظر عبد الرزاق عبد الوهاب – المرجع  السابق – ص292 0

0-محمد وعبد الوهاب العشماوي-قواعد –ج2-المرجع  السابق –بند1392،وحامد ومحمد حامد –المرجع السابق–بند325 0

1 -عبد الوهاب عبد الرزاق –المرجع  السابق  –ص293 0

2 -أنظر في تفصيل ذلك المواد 258،259،260،261م0م0مصري 0

3 -انظر المادة 263م0م0مصري والتي تنص “000يرسل قلم الكتاب ملف الطعن إلى النيابة العامة ،وعلى النيابة أن تودع مذكرة بأقوالها في أقرب وقت مراعية في ذلك ترتيب الطعون في السجل 000”

4 -انظر عبد الحميد الشواربي – المرجع  السابق – ص472 0

5 -أنظر مثلا في القضاء العراقي القرار التمييزي رقم 43/54/55هيئة عامة /2000في 24/2/2001منشور في مجلة القضاء العراقي العدد1،2لسنة 55لعام2001-ص127 0

6 -انظر في ذلك القرار 1045/م3/99في 6/6/1999منشور في مجلة القضاء العراقية الاعداد1،2،3،4السنة 53 لعام 1999ص200 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *