مسألة إعتراض المتهم على الأوامر الجنائية

مسألة إعتراض المتهم على الأوامر الجنائية.

(1) الأمر الجنائي طريق مختصر لإنهاء الدعوي الجنائية اذ الطريق الطبيعى لإنهاء الخصومة الجنائية وإنقضاء الدعوى الجنائية بشأنها هو صدورحكم بات فى موضوع الدعوى فى ظل محاكمة عادلة من خلال دعوي تمر بعدة مراحل من تحقيق ومرافعة ولكن المشرع رأى أن مصلحة المجتمع او مصلحة المتهم نفسه – قد تتطلب تقليص هذه المراحل وإختصارها بدون أن يمس ذلك بمقتضيات العدالة ولهذا أدخل المشرع نظام الأوامر الجنائية والذى يمكن من خلاله إنهاء الخصومة بإصدار أمر جنائى بتوقيع عقوبة الغرامة على المتهم بعد الإطلاع على أوراق الدعوى بدون المرور بمرحلة الدعوي العادية وهو من هذه الزاوية محل نقد شديد ولكن يخفف من حدتها أن ملاك الآمر ومرجعه للمتهم فله أن يقبل الآمر وله أن يرفضة وعندئذ تصير الدعوي في طريقها الطبيعي تنقض سوي بالحكم البات .

فالامر الجنائي هو عبارة عن أمر قضائى يوقعه قاضى المحكمة الجزئية المختص أو أحد أعضاء النيابة العامة من درجة معينة بناء على أوراق الدعوى بعد الإطلاع عليها بغير إجراء تحقيق أو سماع مرافعة ويترتب عليه إنهاء الخصومة الجنائية وذلك إذا لم يعترض عليه خلال مدة معينة يحددها القانون ولا يصدر بغير الغرامة. ولقد نظم المشرع الأوامر الجنائية في المواد ٣٢٣الي ٣٣٠من قانون الإجراءات الجنائية مفرقا بذلك بين الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة والأمر الجنائي الصادر من القاض الجزئي. وأكثر ما يثور بشأن الأوامر الجنائية كيفيه الاعتراض عليها وسلطة إلغائها واثر حضور المعترض جلسه الاعتراض وتخلفه بعد ذلك عن الحضور.

(2) فأما إذا فإن كان الأمر صادر من النياية العامة فانة يكون عرضه للالغاء أو التعديل من النيابة ذاتها دون اعتراض. ويجب التفرقة بين ما إذا كان مصدره وكيل أو رئيس نيابة ففي الحاله الاولي تكون سلطة الإلغاء لرئيس النياية وفي الحالة الثانية يكون للمحام العام وذلك في خلال عشرة أيام من صدورة وبشرط أن يكون سبب الإلغاء أو التعديل الخطأ في تطبيق القانون ويترتب على إلغاء الأمر الجنائى إعتباره كأن لم يكن وفى هذه الحالة يتم السير فى الدعوى كالمعتاد وفقا للطرق العادية المقررة فى القانون.واما أن كان الامر الجنائي صادر من القاض الجزئي فإن الغائة أو تعديله يكون من خلال الاعتراض عليه كما سوف نري حالا.

(3) ولقد بين المشرع في المادة ٣٢٧امكانية الاعتراض علي الأمر الجنائي فنصت علي أن “للنيابة العامة ان تعلن عدم قبولها للأمر الجنائى الصادر من القاضى الجزئى ولباقى الخصوم أن يعلنوا عدم قبولهم للأمر الصادر من القاضى أومن النيابة العامة ، ويكون ذلك بتقرير بقلم كتاب محكمة الجنح المستأنفة خلال عشرة أيام من تاريخ صدور الأمر بالنسبة للنيابة العامة ومن تاريخ إعلانه بالنسبة لباقى الخصوم”.

ومن ثم وجب لقبول اعتراض المتهم علي الأمر الجنائي الصادر من القاض الجزئي أو النيابة العامة أن يحصل الاعتراض خلال ١٠ايام من الإعلان وان يتم امام محكمة الجنح المستأنفة. ومن ثم أن تم الاعتراض امام المحكمة الجزئية كان غير مقبول وان حصل أمام محكمة جنح مستأنف بعد فوات العشرة أيام اضحي الأمر نهائي واجب التنفيذ وهو ما يجب أن تقتض به المحكمة. وفي ذلك تقول النقض”لما كان المشرع قد عُنى بتحديد المدة التي يتعين على المعترض على الأمر الجنائي أن يراعيها وهي عشرة أيام من تاريخ إعلانه بالأمر ، وكذا الجهة التي يعترض أمامها وهى قلم كتاب محكمة الجنح المستأنفة فيما يتعلق بالأمر الصادر من القاضي الجزئي ، أخذاً بما أورده في المادة 327 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 153 لسنة 2007 ، فإذا لم يحصل الاعتراض في الميعاد أو أمام الجهة الواجب الاعتراض أمامها يصبح الأمر نهائياً واجب التنفيذ ، لتجاوز ميعاد الاعتراض في الحالة الأولى ، أو التقرير به في غير قلم كتاب المحكمة المختصة في الحالة الثانية .

لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد قرر باعتراضه على الأمر الجنائي الصادر ضده أمام المحكمة الجزئية التي يتبعها القاضي مُصدر الأمر ، مما حدى بالمحكمة المذكورة إلى القضاء بعدم جواز الاعتراض أمامها ، فإن من شأن ذلك صيرورة الأمر الجنائي نهائيًا واجب التنفيذ ، مما لا يصح معه معاودة الاعتراض عليه أو المعارضة فيه أو استئنافه . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد عاود الاعتراض بعد الميعاد المقرر على الأمر الجنائي أمام محكمة الجنح المستأنفة التي قضت بحكمها المطعون فيه (( بقبول الاعتراض وسقوط الأمر واعتباره كأن لم يكن وقضت مجدداً في الدعوى بذات العقوبة المقرر بها بالأمر الجنائي )) وهو قضاء خاطئ إذ كان يتعين عليها و قد تجاوز المعترض الميعاد المقرر من تاريخ إعلانه بالأمر الجنائي أن تقضي بصيرورة الأمر نهائيًا واجب التنفيذ ، بيد أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بذات العقوبة التي أنزلها الأمر الجنائي فإن الطعن يكون قائماً على مصلحة نظرية بحتة لا يؤبه بها بما يتعين معه التقرير بعدم قبول الطعن ومصادرة الكفالة

(الطعن رقم 5769 لسنة 4 جلسة2013/07/09)

(4) وأبان المشرع أثر تخلف المعترض علي الأمر الجنائي عن بالجلسة المحددة لنظر اعتراضه اذ رتب عليه استعادة الأمر قوته وصيرورته نهائياً واجب التنفيذ ولكن أن حضر في هذه الجلسة وتخلف عن الحضور في الجلسات اللاحقة امتنع الحكم باعتبار الأمر الجنائي نهائيًا واجب النفاذ وفي ذلك تقول النقض أن أن مفاد نص المادتان 327 و 328 إجراءات جنائية المعدل بالقانون 153 لسنة 2007 أن حضور الطاعن بوكيل عنه بالجلسة الأولى لنظر اعتراضه وإبداء دفاعه يترتب عليه سقوط الأمر الجنائي بقوة القانون وإن تخلف عن الحضور في الجلسات اللاحقة .

قضاء المحكمة الاستئنافية باعتبار الأمر الجنائي نهائياً واجب التنفيذ خطأ في تطبيق القانون يوجب نقضه الحكم والإعادة لمحكمة أول درجة. ولما كان البين من الأوراق أن النيابة العامة اتهمت الطاعن بجريمة إقامة منشآت على أرض مملوكة للدولة بدون موافقة الجهة الإدارية المختصة ، وأصدرت ضده أمراً جنائياً بتغريمه ألف جنيه والإزالة ، فاعترض على هذا الأمر وقضت محكمة أول درجة باعتبار الأمر الجنائي نهائياً واجب التنفيذ ، فاستأنف هذا الحكم وقضت محكمة ثاني درجة حضورياً بعدم جواز الاستئناف وألزمته المصاريف .

لما كان الشارع قد هدف من تطبيق نظام الأوامر الجنائية في الجرائم التي عينها إلى تبسيط إجراءات الفصل في تلك الجرائم وسرعة البت فيها، وهو وإن كان قد رخص في المادة 327 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 153 لسنة 2007 للنيابة العامة ولباقي الخصوم أن يعلنوا عدم قبولهم للأمر الجنائي الصادر من القاضي أو من النيابة العامة بتقرير في قلم كتاب محكمة الجنح المستأنفة فيما يتعلق بالأمر الصادر من القاضي للمادة 323 مكرراً من هذا القانون ، وبتقرير بقلم كتاب محكمة الجنح في غير هذه الحالات وذلك في ظرف عشرة أيام من تاريخ صدور الأمر بالنسبة للنيابة العامة ومن تاريخ إعلانه بالنسبة لباقي الخصوم ، ورتب على ذلك التقرير سقوط الأمر واعتباره كأن لم يكن ، فإذا لم يحصل اعتراض على الأمر بالصورة المتقدمة أصبح نهائياً واجب التنفيذ ،

إلا أنه نص في المادة 328 على أنه إذا حضر الخصم الذي لم يقبل الأمر الجنائي في الجلسة المحددة تنظر الدعوى في مواجهته طبقاً للإجراءات العادية ، وإذا لم يحضر تعود للأمر قوته ويصبح نهائياً واجب التنفيذ ، فدل بذلك على أن الاعتراض على الأمر الجنائي لا يعد من قبيل المعارضة في الأحكام الغيابية بل هو لا يعدو أن يكون إعلاناً من المعترض بعدم قبوله إنهاء الدعوى بتلك الإجراءات يترتب على مجرد التقرير به سقوط الأمر بقوة القانون واعتباره كأن لم يكن . غير أن نهائية هذا الأمر القانوني ترتبط بحضور المعترض بالجلسة المحددة لنظر اعتراضه ، فإن تخلف عنها عد اعتراضه غير جدى واستعاد الأمر قوته وأصبح نهائياً واجب التنفيذ مما مؤداه عدم جواز المعارضة فيه أو استئنافه رجوعاً إلى الأصل في شأنه .

لما كان ذلك ، وكان يبين من الإطلاع على الأوراق أن الطاعن اعترض على الأمر الجنائي الصادر ضده بالغرامة بالصورة التي رسمها القانون ومثل بوكيل عنه بالجلسة الأولى المحددة لنظر اعتراضه وأبدى دفاعه بما يرتب سقوط الأمر بقوة القانون واعتباره كأن لم يكن وهو ما كان يتعين على محكمة أول درجة أن تنظر الدعوى في مواجهته طبقاً للإجراءات العادية وإن تخلف عن الحضور فيها في الجلسات اللاحقة ، أما وأنها قد قضت باعتبار الأمر الجنائي نهائياً واجب التنفيذ فإن حكمها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى وكان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تقضى في الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم بإلغائه وبإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها أما وهى لم تفعل وفوتت على المتهم الدرجة الأولى من درجتي التقاضي بقضائها بعدم جواز نظر الاستئناف فإنها بدورها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها عملاً بالحق المقرر لمحكمة النقض بنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض دون حاجة لبحث أوجه الطعن

(الطعن رقم 12734 لسنة 4 جلسة 2014/03/18 س 65 ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *