دراسة مقارنة في عقد البيع المعلق على شرط واقف “التسليم”

دراسة مقارنة في عقد البيع المعلق على شرط واقف “التسليم”

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله خير خلقه والبشير النذير والسراج المنير والمبعوث إلى كافة الخلق وعلى اله وأزواجه الطيبين الطاهرين .
وبعد ،،،
فأن الاتفاق في عقد البيع على الاحتفاظ للبائع بملكية العين المبيعة إلى أن يدفع كامل الثمن ، أو أن يشترط البائع على المشتري بعد سداد كامل الثمن يظل محتفظا بالعين المبيعة فترة من الزمن محددة إنما هو خروج على القواعد التي سنها الشارع لأحكام البيع .
فيجب أن يكون حاصلاً بعبارة صريحة لا غموض فيها والنص في العقد على منع المشتري بالتصرف بالمبيع إلى حيث سداد الثمن جميعه لا يفيد أن هذا البيع بالتقسيط محتفظ فيه بالملكية للبائع إلى حين السداد جميع الثمن .
لذا كان هذا البحث منا لبيان طبيعة شرط الاحتفاظ بالملكية وطبيعة العلاقة بين البائع والمشتري في تلك الفترة ورأي الفقه والقضاء فى ذلك راجين من الله ان يوفقنا فيه الى صائب القول وثمرة الاجتهاد .

مقدمة
من خصائص الحياة التجارية أنها تقوم على السرعة والائتمان، ووجود الائتمان يفترض أن يكون أداء أحد طرفي العقد ممتدا في الزمان، وقد كان لذلك أثره في ضرورة البحث عن وسيلة للضمان لمواجهة هذه المخاطر.

وإذا كانت القواعد العامة توفر بعض الضمانات للبائعين مانحي الائتمان تمكنهم من حماية حقوقهم إلا أن العمل قد كشف عن قصور هذه الضمانات في تحقيق الفعالية المطلوبة.

فالواقع أن المشتغلين بالتجارة والصناعة لا ينتظرون من الضمانات ما توفره من أولوية وتتبع، وإنما ينظر هؤلاء إلى الضمانات نظرة اقتصادية تقوم على إلغاء أو تقليل المخاطر التي يتعرضون لها في سبيل استيفاء حقوقهم.

وفي هذا السياق فرضت فكرة الملكية نفسها كضمانة فعالة لحماية حقوق البائع – في البيوع الائتمانية – توقيه من خطر عدم استيفاء حقه في الثمن في ميعاد استحقاقه من خلال ما درج التجار على تسميته بشرط الاحتفاظ بالملكية. وبناء على ما سبق، رأينا أن يتناول هذا البحث المتعلق بشرط الاحتفاظ بالملكية وفق التصميم التالي :
الفصل الأول
الطبيعة القانونية لشرط الاحتفاظ بالملكية.
المبحث الأول:- الاتجاهات الفقهية والقضائية لطبيعة شرط الاحتفاظ بالملكية
المبحث الثاني :- الطبيعة القانونية لشرط الاحتفاظ بالملكية في القانون المصري
الفصل الثاني
آثار شرط الاحتفاظ بالملكية.
المبحث الأول :- أثار شرط الاحتفاظ بالملكية فيما بين الأطراف
المبحث الثاني:- آثار شرط الاحتفاظ بالملكية في مواجهة الغير.
الفصل الثالث
رأي الشرع في شرط الاحتفاظ بالملكية

الفصل الأول
الطبيعة القانونية لشرط الاحتفاظ بالملكية
دراسة شرط الاحتفاظ بالملكية تقتضي البحث عن الطبيعة القانونية لهذا الشرط وهذا ما سنحاول العمل عليه من خلال التطرق لمختلف الاتجاهات الفقهية والقضائية التي حاولت تحديد الطبيعة القانونية لشرط لاحتفاظ بالملكية تم موقف التشريع من هذا الشرط .
وقبل التكلم عن ذلك نفرق بين كلا من :-
الشرط والأجل
الشرط والأجل وصفان يلحقان بالالتزام الذي يقع على عاتق أحد طرفي العقد، ويعرف الشرط بأنه أمر مستقبلي غير محقق الوقوع يترتب على وقوعه إما وجود الالتزام أو زواله، والشرط باعتباره وصفاً للالتزام قد يكون شرطاً واقفاً يترتب على تحققه وجود الالتزام مثل إلتزام شخص بمنح آخر مبلغاً من المال إذا نجح في أداء مهمة ما. وقد يكون الشرط فاسخاً ويترتب على تحققه زوال الالتزام. , مثال على ذلك : أن يقول شخص لآخر يمكنك استخدام سيارتي بشرط عدم ارتكاب أي مخالفة سير , فإذا ارتكب مخالفة سير (تحقق الشرط الفاسخ) انتفت قدرته على استخدام السيارة .
أما الأجل فهو أمر مستقبلي محقق الوقوع ويترتب على وقوعه نفاذ الالتزام أو انقضاؤه، ومثال ذلك الاتفاق على بداية عقد الإيجار من شهر محدد.
ويختلف الشرط عن الأجل اختلافاً أساسياً من حيث ما يلي:
الفرق الأول :- الشرط يقوم على أمر مستقبلي غير محقق الوقوع أما الأجل فهو أمر مستقبلي محقق الوقوع.
والفرق الثاني :- أن الشرط إما أن يجعل الالتزام غير موجود إلا بوقوعه كالشرط الواقف وإما أن يزيل وجوده إذا وقع كالشرط الفاسخ، أما الأجل فهو لا يمس الالتزام في وجوده بل يتعلق فقط في نفاذ الالتزام إما بتأجليه كالأجل الواقف أو انتهاء الالتزام بالنسبة للمستقبل كالأجل الفاسخ.
والفرق الثالث:- بين الشرط والأجل، أن للشرط كقاعدة عامة أثرا رجعيا، أما الأجل فليس له أثر رجعي، فالالتزام المضاف إلى أجل فاسخ ينهي الالتزام الذي ينقضي من وقت حلول الأجل في المستقبل ولا يزيله بالنسبة للماضي.

المبحث الأول
الاتجاهات الفقهية والقضائية لطبيعة شرط الاحتفاظ بالملكية
المطلب الأول :- الاتجاهات الفقهية من الشرط .
الاتجاه الأول :- ( بيع معلق على شرط واقف )
مفاد هذه النظرية أن البيع المعلق على شرط الاحتفاظ بالملكية هو بيع معلق على شرط واقف يتمثل في وفاء المشتري بكامل الثمن.
فشرط الوفاء بكامل الثمن هو شرط واقف بمعنى أنه يتوقف على تحققه وجود البيع ذاته ولا ينعقد البيع قبل الوفاء بكامل الثمن ويظل البائع مالكا للمبيع ولا تنتقل الملكية للمشتري قبل الوفاء بكامل الثمن.
واعتبار شرط الاحتفاظ بملكية بأنه شرط واقف هذا يجعل الالتزام الموقوف عليه لهو البيع التزام موجود ولكنه غير نافد .
وذلك يرتب مجموعة من النتائج تختلف من كونه غير نافد إلى كونه موجود .

غير نافد يعني:-
1- التزام غير مستحق ومن تم فهو غير قابل للتنفيذ الجبري .
2- لا يخضع للتقادم المسقط.

موجود يعني:-
1- للدائن الحق في اتخاذ جميع الإجراءات التحفظية لحفظ حقه .
2- للدائن بشرط واقف أن يتصرف بحقه لكن هذا التصرف يجب أن يكون تحت ذلك الشرط الواقف.
3- وفاة الدائن (البائع) تحت هذا الشرط لا تنقضي حقوقه والتزاماته بل تنتقل إلى ورثته لأن هذا الالتزام هو موجود وقد تكتمل حياته بمجرد تحقق الشرط.
هنا يمكن التساؤل حول إلى أي مدى يمكن اعتبار الالتزام كامل إذا كان غير قابل للتنفيذ؟.
هذا يؤدي إلى القول بأن البيع المعلق على شرط الاحتفاظ بالملكية بيع مكتمل يرتب جميع أثاره لكن تنفيذه موقوف إلى حين تحقق الشرط .
ويؤكد هذا أن انعقاد العقد حين أداء الثمن يكون بأثر رجعي أي من يوم الاتفاق وليس من يوم أداء كامل الثمن وهذا الذي قد يفرقه على الوعد بالبيع.

هذا الاتجاه وجهت له عدة انتقادات منها
1- رغم ما لهذه النظرية من إيجابيات في تفسير شرط الاحتفاظ بالملكية بكونه شرط واقف فإنها تبقى عاجزة عن تفسير أساس التزام البائع بالتسليم في بعض الأحيان، ذلك أنه في الواقع لا يوجد أي التزام بالتسليم قبل تحقق الشرط الواقف الذي علق عليه البيع أكثر من ذلك أن إعمال قواعد البيع يؤدي إلى عدم إلزام البائع بتسليم المبيع طالما المشتري لم يدفع الثمن.

2- لا يمكن اعتبار الوفاء بالثمن هو التزام رئيسي ناتج عن البيع بل هو فقط شرطا لانعقاد يؤدي هذا التناقض إلى منتج إرادة الأطراف التي تتجه فقط إلى تحصين البائع ضد عدم تنفيذ البيع ولا يجوز اختيار تنفيذ أحد الالتزامات الرئيسية لعقد البيع كالوفاء بالثمن لكي يكون شرط لصحته.

3- الفقه يرفض دائما القول بأن عدم تنفيذ أحد طرفي العقد لالتزاماته يعد شرطا واقفا لانعقاد العقد ذاته لأن عدم التنفيذ يخول ببساطة الطرف الأخر الامتناع بدوره عن تنفيذ التزاماته ومن ثم فإن تنفيذ العقد يكون في هذه الحالة خاضعا لمطلق إرادة أحد الطرفين أي العقد معلق على شرط إرادي محض.

الاتجاه الثاني:- ( يعتبر شرط الاحتفاظ بالملكية بيع معلق على شرط فاسخ )
مفاد هذه النظرية أن البيع مع الاحتفاظ بالملكية هو بيع معلق على شرط فاسخ وهذا الشرط هو عدم الوفاء بالثمن في الميعاد المتفق عليه في العقد، هذا يعني أن للمشتري التملك وبكيفية تامة للشيء لكن حقه هذا يظل مهدد بالزوال طيلة المدة المتفق عليها لأداء الثمن بحيث إدا تم أداء الثمن أصبح البيع تام ولم يبقى مهدد بالزوال أما عدم أداء الثمن يؤدي إلى زوال حق المشتري في المبيع وبأثر رجعي وبقوة القانون دون حاجة إلى حكم من القضاء.

وهذا الاتجاه ما يمكن القول عنه هو أنه على الأقل يفسر انتقال حيازة الشيء محل عقد البيع من طرف المشتري واستعماله والتصرف فيه إطار من الاستقلالية عن البائع لأن الالتزام تحت شرط فاسخ موجود ونافد الذي ينص على أنه “الشرط الفاسخ لا يوقف تنفيذ الالتزام” ولكن هذا لا يمنع البائع من القيام بمجموعة من الإجراءات التي تحافظ له على ضمان حقه في أداء الثمن لأن البيع لازال مقيد بشرط فاسخ قد يعيد حيازة الشيء محل البيع إلى البائع لهذا له حق التتبع ضمان أداء الثمن كما أن تصرفات المشتري في الشيء يجب أن تكون تحت هذا الشرط.

لكن هذا لا يعني أن شرط الاحتفاظ بالملكية هو شرط فاسخ كما جاء به هذا الاتجاه فهذا ليس دائما لأن وكما سبقت الإشارة إلى ذلك هذا الشرط ما هو إلا ضمانة لتنفيذ الالتزامات الملقاة على عاتق المشتري في عقد البيع وخاصة أداء الثمن الذي يعتبر في ذات الوقت شرط لانعقاد عقد البيع.

خلاصة القول فاعتبار شرط الاحتفاظ بالملكية شرط فاسخ في عقد البيع يمكن أن يتنافى وروح هذا الشرط ذاتها، لمادا ؟؟؟؟
لأن الاحتفاظ بالملكية ما هي إلا ضمانة تقرر أتناء التعاقد لكي تحصن حقوق المالك الأصلي والدي يبقى ملتزما طيلة المدة المتفق عليها بنقلها حين وفاء الطرف الأخر بالتزاماته.

الاتجاه الثالث:- ( شرط الاحتفاظ بالملكية هو بيع مضاف إلى أجل واقف )
مفاد هذه النظرية أن البيع مع شرط الاحتفاظ بالملكية هو بيع مضاف إلى أجل واقف لتنفيذ بعض الالتزامات حيث يتفق الأطراف فيه على إرجاء تنفيذ العقد إلى حين حلول الأجل وهو الموعد المحدد لدفع الثمن.

بالنسبة للالتزامات المتبادل بين البائع والمشتري في الفترة قبل حلول الأجل تنشأ عن اتفاق إضافي ينظم العلاقة بينهما في هذه المرحلة، والطبيعة القانونية لهذا الاتفاق تتوقف على ما هي شروطه وأحكامه .
فقد يتفق البائع مع المشتري بأن يلتزم هذا الأخير بدفع مبالغ معينة في مواعيد محددة على سبيل الوديعة على أن يكون المبلغ الأخير في موعد أداء كامل الثمن، ويلتزم البائع من جهة بتسليم الشيء محل عقد البيع على سبيل الوديعة أي الحيازة دون الحق في التصرف والاستعمال، أو على سبيل الإيجار لمدة محددة يعني ذلك الانتفاع دون الحق في التصرف.
وبطبيعة الحال فقبل حلول الأجل المتفق عليه للوفاء بكامل الثمن ليس للبائع أن يطالب باسترداد المبيع وفي المقابل ليس للمشتري الحق في المطالبة باسترداد الأقساط التي تم دفعها .

المطلب الثاني:- موقف القضاء من شرط الاحتفاظ بالملكية .
بالرجوع إلى القضاء الفرنسي:- لابد من الوقوف عند موقف محكمة النقض الفرنسية الذي اعتبرت بأن البيع المعلق على شرط الاحتفاظ بالملكية هو بيع معلق فيه انتقال الملكية على الوفاء بكامل الثمن أي أن ذلك يتعلق فقط بانتقال الملكية أي أننا أمام شرط واقف لنقل الملكية وليس لتكوين العقد وسندها في ذلك أن نقل الملكية من طبيعة عقد البيع وليس من جوهره وهذا الاتجاه يزيد بالقول أن هذا التفسير هو الذي يتفق مع ظروف القانون والتطور القضائي من جهة بالإضافة إلى أن نقل الملكية هو أمر لا يتعلق بالنظام العام من جهة أخرى هذه النظرية تقوم على فصل العقد على نقل الملكية العقد صحيح ونقل الملكية يبقى معلق على أداء كامل الثمن .

تبدوا أهمية هذه النظرية في أن البيع المعلق على شرط واقف لا ينعقد قبل تحقق الشرط بالتالي لا يرتب الآثار المعروفة في عقد البيع ونفس الشيء تقريبا في حالة إذا كانت أثار البيع مؤجلة لحين الوفاء بكامل الثمن يؤدي إلى إنهاء الروابط القانونية الناتجة عن العقد وذلك دون حاجة إلى أي إجراء آخر.

أما إذا تم الإقرار بأن البيع منعقد ومرتب لكل أثاره ماعدا نقل الملكية فإن استرداد الشيء المبيع من طرف البائع يتطلب اتخاذ مجموعة من الإجراءات للوصول إلى تلك النتيجة وتتمثل في القيام برفع دعوى الفسخ أو الشرط الفاسخ الصريح وقد يتضمن الشرط الجزائي، لهو الاحتفاظ بالأقساط المدفوعة من الثمن في حالة تقاعس المشتري عن أداء باقي كامل الثمن، والدي عن طريقه يمكن تسوية حكم أقساط الثمن المدفوعة.

وموقف محكمة النقض :-
هذا يتجلى من خلال حكم يتعلق ببيع تجهيزات إلى شركة مع شرط الاحتفاظ بالملكية، وقائع هذا الحكم تتجلى في أن شركة طلبت من أخرى مجموعة معدات يشكل كل جزء منها ثمنا مستقلا، احتفظت الشركة الموردة بملكية البضاعة لحين الوفاء بكامل الثمن، تم تسليم كل المعدات وتثبيتها لدى الشركة المشترية، شب حريق قبل الانتهاء من اللمسات الأخيرة للتركيب وتجربة المعدات فقض تماما على التجهيزات المقامة بما في ذلك البضاعة المحتفظ بملكيتها طلبت الشركة الموردة الجزء المتبقي من الثمن، رفضت الشركة المشترية الدفع بل طلبت استرداد الفرق بين الجزء المدفوع من الثمن ومبلغ التعويض الذي تقاضته من المؤمن.
عرض الأمر على محكمة “ستراسبورغ ” التي قضت طبقا لنصوص العقد بتحمل المشتري للمخاطر والتزامه بدفع كل الثمن تم تأييد الحكم من محكمة الاستئناف “بكولمار” واستندت في ذلك على كون البيع معلق على شرط فاسخ وبالتالي فالمشتري كان مالك لحظة الهلاك وبالتالي عليه تحمل تبعة المخاطر ويلتزم بدفع كل الثمن وفوائده.

نقضت محكمة النقض :-
الحكم مقررة أن شرط الاحتفاظ بالملكية ليس شرطا فاسخ، بل أنه يعني بوضوح تعليق انتقال الملكية على الوفاء بكامل الثمن، وأحالت الدعوى إلى محكمة الاستئناف “ميتد” للفصل فيه من جديد فاتجهت هذه المحكمة نفس الاتجاه وقررت إلزام البائع برد الجزء من الثمن المدفوع بالإضافة إلى الفوائد منقوصا منه التعويض الذي حصل عليه المشتري من المؤمن .
ما يمكن أن تتم ملاحظته على هذا الموقف هو أنه إذا رتب أثر الهلاك على البائع المحتفظ بالملكية هذا يعني أن عقد البيع لازال غير موجود لكن ماذا عن واقعة التسليم والحيازة ؟ ؟
ثم أن المشتري استفاد من التعويض عن الخسارة من شركة التأمين عن المعدات التي ليست في ملكه وهذا يدفع إلى القول أن شركة التأمين عليها التدخل لإرجاع المبالغ المدفوع لأنها عوضت البائع يكون غير مؤمن ولا يجود في عقد التأمين المبرم بين المشتري وشركة التأمين؟.

المبحث الثاني
الطبيعة القانونية لشرط الاحتفاظ بالملكية في القانون المصري
القانون المصري فهو قانون كان صريح وواضح أكثر من القانون الفرنسي بحيث نصت المادة 430/1 قانون مدني على أنه «إذا كان البيع مؤجل الثمن جاز للبائع أن يشترط أن يكون نقل الملكية ‘الى المشتري موقوفا على استيفاء الثمن كله ولو تم التسليم».
هذا القانون أو بالأحرى هذا النص فهو أوقف نقل الملكية حتى ولو تمت واقعة التسليم على أداء كامل الثمن هذا من طبيعة الحال فهو شرط تمت إجازته بالنسبة للبائع وذلك من أجل المحافظة على الضمانة الكافية لاستخلاص باقي الثمن وهذا النص فهو قد خص هذا الشرط فقط في عقد البيع دون الإشارة الأخرى لباقي العقود الأخرى الناقلة للملكية ويمكن اعتبار ذلك من بين الملاحظات التي تعطي حتى للقانون الفرنسي.
قبل تحقق الشرط يكون المشتري مالكاً للمبيع تحت شرط واقف. ولا يمنع من وقف ملكيته أن يكون قد تسلم المبيع فالذي انتقل إليه بالتسليم هو حيازة المبيع. أما الملكية فانتقلت إليه بالبيع موقوفة. ولكن ذلك لا يمنعه (المشتري) من التصرف في هذه الملكية الموقوفة ويكون تصرفه هو أيضاً معلقاً على شرط واقف.

بالإضافة إلى أن القانون الفرنسي حصر شرط الاحتفاظ بالملكية فقط في بيع المنقول دون العقار في حين أن القانون الفرنسي حصر شرط الاحتفاظ بالملكية فقط في بيع المنقول دون العقار مع أن القانون المصري جاءت العبارة أكتر عموما وهذا يجعل إسقاطها حتى على بيع العقار.

لكن شرط الاحتفاظ بالملكية في القانون المصري رغم ذلك التنصيص فهو يمكن اعتباره عديم الأهمية لأن اللجوء إليه يكون قليلا لأنه عديم الأثر في بعض الأحيان المثال على ذلك وجوده مع الائتمان الإيجاري كما أن القضاء المصري يرفض إعماله في حالة الإفلاس للمشتري بحيث يسقط حق البائع في استرداده خاصة إذا تعلق بالشيء حقوق عينية وكان هذا الدائن الأخير حسن النية.
بالإضافة إلى كونه عديم الأهمية، فإعماله لا يحقق الغاية المتوخاة منه دائما خاصة إذا تم التسليم لأن ذلك يؤدي إلى تطبيق مجموعة من المبادئ تغطي عليه، كالحيازة في المنقول سند الملكية كما أن هذا الشرط لا يعرف إشهار معين وبالتالي الدائنين الآخرين في الغالب لا يكون على علم به وبالتالي يتشبثون أن ذلك الشيء يكون ضمان لديونهم ويقعوا في تزاحم مع المالك الحقيقي في حالة المطالبة بالاسترداد، ويكون هذا الأخير صعب ويتطلب رفع دعوى وكما سبقت الإشارة فالقضاء في مصر في الغالب يرفض الأخذ بهذا الشرط .

الفصل الثاني
آثار شرط الاحتفاظ بالملكية بالنسبة للأطراف والغير
المبحث الأول
أثار شرط الاحتفاظ بالملكية فيما بين الأطراف .
يترتب على شرط احتفاظ البائع بملكية المبيع إلى حين استفاء كامل الثمن عدم انتقال الملكية للمشتري قبل الوفاء بجميع عناصر الثمن المتفق عليه، يظل البائع الذي لم يستوفي كل حقه المالك الوحيد للمبيع رغم تسليمه إلى المشتري الذي يعتبر مجرد حائز عرضي له وهذا الموقف فهو خاص يختلف في أبعاده ومضمونه عن العلاقة العادية التي تتولد عن عقد البيع العادي أو بالأحرى عن طرق انتقال الملكية بصفة عامة بالطرق العادية وفق القواعد المخصصة لذلك الاتفاق على هذا الشرط داخل العقد المنظم لتفويت الملكية قد يكون مصاحب بالاتفاق على الآثار المترتبة على ذلك في ما يخص العلاقة بين الأطراف وقد يتم إدراج هذا الشرط ودون أي تنظيم وهذا ما يخلق نوعا من الغموض في حالة وقوع أي حادث وبالتالي يتم الرجوع إلى القواعد العامة في ذلك وتطبيق هذه القواعد يجرنا للحديث على ثلاث مطالب .

المطلب الأول :- ( اثر الشرط على نقل ملكية المبيع بين البائع والمشتري )
إن مصير الملكية بين البائع والمشتري في حالة وجود شرط الاحتفاظ بالملكية قد يبدو أمرا يسيرا من الناحية النظرية، إلا أن المسألة تتسم، في الواقع العملي بالكثير من الغموض ونوع من التعقيد نظرا لكون القواعد العامة لم تنظم ذلك بشكل مفصل بالإضافة إلى وجود قواعد خاصة تتدخل فيما بينها لهذا سنتناول المسألة من الناحية النظرية والعملية.

أولا :- من الناحية النظرية
أتجه الفقه في هذه المسألة إلى القول بأن البيع المعلق على شرط الاحتفاظ بالملكية يظل فيه البائع المالك الوحيد إلى حين الوفاء بكامل الثمن من طرف المشتري وهذا الوضع يبدو أكتر بساطة خاصة إذا كانت حيازة المبيع في يد البائع فيجمع بين يديه كل عناصر الملكية، التصرف، الاستغلال والاستعمال بحيث أي تصرف أو استعمال أو استغلال في المبيع لا يقع تحت العقاب الجنائي لأنه يتصرف في نطاق ملكيته لكنه قد يتعرض للجزاء المدني والذي يرتكز على الإخلال بالتزام تعاقدي (الفسخ، التعويض).

من حيث القواعد العامة لا يلتزم مادام هو المالك الوحيد فله الحق في التصرف وأن تصرفه الثاني لا يعطي حق المشتري الأول باسترداد هذا المبيع لأنه لا يملك شيء على هذا المبيع لكن هذا لا يمنع المشتري من متابعة البائع خاصة إذا كان اتفاق بين الأطراف ثابت بينهم .

ونجد أيضا أن دائني البائع لهم الحق في التعرض على البيع ولهم الحق في استعمال حق مدينهم في المطالبة بالثمن ويمكنهم كذلك الحجز عن الثمن المستحق بين يدي المشتري، وإذا تخلف هذا الأخير عن أداء الثمن يحق لهم التنفيذ على المبيع بدعوى أنه مازال مملوك لمدينهم لكن تحقق الشرط يرتب جميع أثار البيع بأثر رجعي حيت يمتلك المشتري المبيع من العقد وتزول الآثار التي ترتبت عليها.

انتقال الحيازة إلى المشتري من الناحية النظرية يبقى الأمر غير مختلف عن سابقه كون أن الحيازة لا يمكن التملك بها خاصة في العقود الشكلية لكن هناك قاعد عامة تقول الحيازة في المنقول سند الملكية إذن فالتصرف في المبيع خاصة إذا كان منقول من طرف المشتري كونه حائز بشراء قد يجعل تصرفه صحيح وتبقى للمشتري الحق فقط في المطالبة بالثمن دون الاسترداد وهذا الذي يجعل لهذا الشرط دون جدوى خاصة إذا كان المشتري الثاني حسن النية.
لكن وجوده يعطي للبائع صلاحيات كبير على المبيع بالتالي فتصرف المشتري في المبيع قد يعرضه للجزاء المدني (الفسخ، التعويض) دون الجزاء الجنائي لأن البيع ليس من عقود الأمانة.

ثانيا:- من الناحية العملية
لا تتفق النتائج النظرية السابقة لشرط الاحتفاظ بالملكية مع مقاصد الطرفين في البيع الائتماني حيث يكمن جوهر هذا البيع في تسليم المبيع للمشتري العاجز عن الدفع الفوري لكل الثمن لانتفاع به، وتدخل المشرع في هذا ونظم عقد الائتمان الإيجاري بكيفية محكمة في الغالب يتضمن شرط الاحتفاظ بالملكية رغم عدم أهميته.

في الغالب اللجوء إلى هذا الشرط يدفع الأطراف إلى تنظيم العلاقة في ما بينهم بالطريقة التي تحقق الغاية من البيع وتناسب مصلحة أطراف التعاقد وذلك بإدراج بعض الشروط التكميلية لشرط الاحتفاظ بالملكية لتحديد أثاره ونطاق إعماله وفي الغالب تتمثل في تحويل إلى المشتري الاستفادة من حقوق التي تخولهما الملكية كحق الاستعمال والاستغلال، والتصرف المادي تحت بعض الضمانات والشروط التي تضمن للبائع استرداد المبيع بسهولة أو تضمن له استيفاء باقي الثمن دون أي ازدحام مع باقي الدائنين الآخرين.

ورغم ذلك فإن حق البائع في استرداد المبيع الذي يحتفظ بملكيته يصطدم عمليا بعدة عقبات، أهمها منازعة المشتري التي تستوجب الحصول على حكم بفسخ البيع ، تغيير حالة المبيع عن طريق تحويله أو إدماجه في مادة أخرى ، استهلاك المبيع كالمواد الأولية، والتصرف فيه إلى الغير حسن النية وهنا يصطدم بواقع انتقال الملكية إلى شخص لا تربطه أية رابطة قانونية وهذا ما يعقد الوضع.
المطلب الثاني:- ( أثر الشرط على تبعة هلاك المبيع ) .
البيع مع شرط الاحتفاظ بالملكية في الغالب تنتقل الحيازة إلى المشتري وتبقى الملكية الفعلية في البيع يد البائع وهذا الوضع يطرح إشكالية هامة تتمثل في تحمل تبعة هلاك الشيء المبيع هل تبقى على عاتق المشتري باعتباره الحارس على الشيء أم أنها تبقى على المالك الحقيقي إلى حين اكتمال الملكية وانتقالها إلى المشتري وهذا ما سنعالجه من نقطتين الأولى قواعد تحمل تبعة هلاك المبيع والنقطة الثانية أثر شرط الاحتفاظ بالملكية على تبعة الهلاك.
أولا:- قواعد تحميل تبعة هلاك المبيع

تبعة هلاك المبيع تعني تحميل نتائج هلاك أو فقد الشيء المبيع بصفة نهائية دون إمكانية الرجوع على شخص أخر كقاعدة عامة ، ويحدث ذلك في حالة الفقد الناجم عن القوة القاهرة والحادث الفجائي, إما إذا نتج عن فعل أحد طرفي العقد فالذي تسبب فعله في ذلك فهو الذي يتحمل تبعة الهلاك .
ثانيا:- أثر شرط الاحتفاظ بالملكية على تبعة هلاك المبيع .
فبعد أن رأينا قواعد تحمل تبعة الهلاك فما أثر شرط الاحتفاظ بالملكية على الهلاك هل تؤثر فعلا أم أنها لا تؤثر بل يجب اعتبار المسألة عادية وتبقى دائما واقعة التسليم وانتقال الحيازة هي المحددة لتبعة الهلاك.

من خلال قواعد تبعة الهلاك فان هلاك الشيء المبيع تحت شرط الاحتفاظ الملكية لا يثير أي صعوبة لأن كما سبقت الإشارة تبعة الهلاك تكون بالتسليم لا انتقال الملكية وبالتالي إذا هلك المبيع الذي يحتفظ البائع بملكيته قبل تسليمه فالمشتري له الحق في تحميل البائع تبعة الهلاك، بحيث ينفسخ البيع ويسقط على المشتري التزام دفع باقي الثمن كما يمكنه المطالبة بإرجاع ما دفعه.

والعكس صحيح إذا كان المبيع قد تم تسليمه فعلا رغم احتفاظ البائع بملكيته فتبعة الهلاك تقع على المشتري لا البائع وبالتالي للبائع المطالبة بأداء الثمن أو ما تبقى منه.

ويجب الإشارة إلى الاستثناءات التي يمكن أن تزيل المسؤولية كالهلاك بفعل الغير أو القوة القاهرة أو الحادث الفجائي بحيث في هذه الحالة يتعين الرجوع إلى النصوص المنظمة لذلك لتحديد المسؤولية.

فعقد البيع يتوقف وجوده على ضمان استيفاء كامل الثمن المؤجل أو الأقساط المتبقية منه لذلك يختلف حكم الشرط حسب الزمن الموجود فيه، قبل حلول الأجل وبعد حلوله.

حكم الشرط قبل حلول الأجل وبعده
حكم الشرط قبل حاول الأجل فعلي الرغم من وجود هذا الشرط فالبيع يبقى تام مرتب جميع الآثار التي يرتبها البيع العادي وكل ما في الأمر أن الالتزام بنقل الملكية يتراخى تنفيذه إلى حين سداد كامل الثمن فالبيع ليس موقوف على شرط الوفاء بكامل الثمن وإنما معلق على الثمن.

أما مصيره عند حلول الأجل يتوقف على قيام المشتري بالوفاء بالثمن من عدمه أداء الثمن يزول بأثر رجعي ولا تبقى له قيمة، لكن عدم الوفاء بالثمن هنا يعطي مفعوله بحيث يخول البائع ممارسة السلطة على المبيع باعتباره المالك الحقيقي والوحيد وقد يضطر إلى مطالبة المشتري بالثمار التي جناه أثناء الاحتفاظ بحيازة المبيع وقد يطالبه بالتعويض عن الإخلال بالتزام تعاقدي إن اقتضى الحال ذلك، خاصة إذا كان شرط الاحتفاظ بالملكية معزز بالشرط الجزائي.

المبحث الثاني
آثار شرط الاحتفاظ بالملكية في مواجهة الغير
لا تقتصر آثار شرط الاحتفاظ بالملكية على طرفي العقد فحسب وإنما تمتد هذه الآثار حتى بالنسبة للغير الخارج عن العلاقة العقدية. حيث تكمن أهمية الشرط المذكور وفعاليته في إمكانية الاحتجاج على الغير سواء كان دائنا للمشتري المفلس، أو متصرفا إليه في المبيع ذاته. وأخيرا فإن شرط الاحتفاظ بالملكية يمكن أن ينتقل إلى الغير على سبيل الضمان.

ولدراسة آثار شرط الاحتفاظ بالملكية في مواجهة الغير سوف نتطرق إلى نقطتين اثنتين وهما :
أولا : آثار شرط الاحتفاظ بالملكية قبل الدائنين.
ثانيا : آثار شرط الاحتفاظ بالملكية قبل الغير المتصرف إليه.

المطلب الأول :- آثار شرط الاحتفاظ بالملكية قبل الدائنين.
وفي هذا المطلب سوف نتطرق أولا إلى مدى نفاذ شرط الاحتفاظ بالملكية قبل الدائنين (الفقرة الأولى) وثانيا إلى دعوى الاسترداد والأحكام المتعلقة بها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى :- مدى نفاذ شرط الاحتفاظ بالملكية قبل الدائنين.

وتثور الصعوبة هنا في حالة توقف المشتري عن الدفع بسبب الإفلاس، حيث تتعارض مصلحة البائع في استرداد المبيع مع مصلحة باقي الدائنين في اعتباره أحد عناصر الذمة المالية للمشتري للتنفيذ عليه.

ولحل هذا الإشكال ذهب القانون المصري إلى عدم الاحتجاج بشرط الاحتفاظ بالملكية في مواجهة جماعة الدائنين لأن الدائنين عولوا على هذا المبيع الذي تسلمه المشتري ودخل ضمن أصوله باعتباره أحد عناصر الضمان العام .

أما بالنسبة للقانون الألماني والفرنسي فإن البائع المحتفظ بملكية المبيع يتمتع بمركز قانوني قوي. لعل أهم مظاهر هذه القوة هو سريان شرط احتفاظه بملكية المبيع قبل جماعة الدائنين فبالإضافة إلى حقه في معارضة الحجز الذي يوقعه دائنو المشتري على المبيع، يكون للبائع حق سحبه من تفليسة المشتري.

الفقرة الثانية : شروط ممارسة البائع لحق الاسترداد.
إن منح البائع دعوى استرداد المنقول المبيع المحتفظ بملكيته من المشتري المتقاعس عن الوفاء بالثمن يعد أمرا طبيعيا في حالة يسار هذا الأخير أي تمتعه بضمان عام قوي.

أما في الحالة التي يشكل فيها ممارسة تلك الدعوى مساسا بالضمان العام للدائنين الذين عولوا على وجود المبيع كعنصر هام من عناصره، فإن ذلك يعد تفضيلا لحق البائع على حقوقهم وخروجا على القواعد العامة في الإفلاس التي تقوم على حماية الوضع الظاهر من جهة والمساواة بين الدائنين من جهة ثانية.

المطلب الثاني : آثار شرط الاحتفاظ بالملكية قبل الغير المتصرف إليه.
يتحقق الضمان الذي يوفره شرط الاحتفاظ بالملكية لبائع المنقولات عندما تظل هذه المنقولات تحت يد المشتري إلى حين سداد ثمنها بالكامل للبائع، لكن هذا الفرض نادر الوقوع، إذ غالبا ما يقوم المشتري بإعادة التصرف ثانية في الشيء المبيع الأمر الذي قد يؤدي إلى المساس بضمان البائع.

لذلك وتفاديا لهذه المشاكل العملية، ذهب الفقه والقانون المقارن إلى إيجاد مجموعة من الحلول تدعيما لضمان البائع من جهة وتلبية لحاجات المشتري الاقتصادية، وتتمثل هذه الحلول فيما يلي
أولا :- تمديد شرط الاحتفاظ بالملكية.
ثانيا :- الاعتراف للبائع بحق على الثمن المستحق للمشتري من البيع الثاني.

الفقرة الأولى : تمديد شرط الاحتفاظ بالملكية.
إن الضرورات الاقتصادية قد تدفع البائع إلى الترخيص للمشتري في إمكانية التصرف في المنقولات قبل استيفاء ثمنها بالكامل.

وخشية أن يرى البائع نفسه في نهاية الأمر – مجردا تماما من الضمان الذي كان يخوله له شرط الاحتفاظ بالملكية قد يقرن هذا الترخيص بتمديد شرط الاحتفاظ بالملكية إلى المشتري الثاني. وغني عن البيان أن هذا التمديد يجب أن يتفق عليه – صراحة – البائع والمشتري ويأخذ شرط الاحتفاظ بالملكية – في العمل – إحدى صورتين :

في الصورة الأولى يتفق البائع والمشتري على أن يكون تصرف هذا الأخير في المنقولات المحملة شرط الاحتفاظ بالملكية مقرونا بنقل هذا الشرط إلى البيع الثاني. ونطلق على شرط الاحتفاظ بالملكية في هذه الحالة الشرط المنقول أو المتحرك.

أما في الصورة الثانية يتفق البائع والمشتري على الترخيص لهذا الأخير في بيع المنقولات المحملة بشرط الاحتفاظ بالملكية. على أن يكون البيع الثاني مشروطا فيه أيضا شرط الاحتفاظ بالملكية لصالح المشتري – البائع. ونطلق على شرط الاحتفاظ بالملكية – في هذه الحالة – شرط الاحتفاظ بالملكية المضاعف .

الفقرة الثانية : حق البائع في المطالبة بالثمن المستحق للمشتري في ذمة الغير.
إن رجوع البائع مباشرة على الغير مطالبا بالثمن المستحق في ذمته يجد أساسه في أحد نظامين : إما حواله الحق وإما الدعوى المباشرة.

أما حوالة الحق فتتمثل في اتفاق الدائن مع أجنبي على أن يحيل له حقه الموجود في ذمة مدين معين وتتم الحوالة دون حاجة إلى رضاء المدين، إلا أنها لا تكون نافذة قبل المدين أو قبل الغير إذا قبلها المدين أو أعلن بها. وأن يكون هذا القبول ثابت التاريخ .

أما بخصوص الدعوى المباشرة فقد تضمن القانون الفرنسي – على خلاف القانون المغربي – نصا يجيز للبائع حق الرجوع مباشرة على مدين مدينه ليطالبه بما هو مستحق في ذمته كله أو بعضه .

رأي الشرع في شرط الاحتفاظ بالملكية
عند الحنفية إذا اشترط الأجل لتسليم المبيع المعين أو الثمن المعين، كان البيع فاسداً ، لأن الأصل وجوب التسليم حال العقد، بسبب أن البيع عقد معاوضه : تمليك بتمليك وتسليم بتسليم، والتأجيل ينفي وجوب التسليم للحال، فكان مغيراً مقتضى العقد، فيوجب فساد العقد.
ولكن يجوز التأجيل في المبيع المؤجل وهو السلم، بل لا يجوز بدون الأجل عند الحنفية، وكذا يجوز التأجيل في الثمن الثابت ديناً في الذمة إن كان الأجل معلوماً، لأن التأجيل يلائم الديون، ولا يلائم الأعيان لمساس حاجة الناس إليه في الديون، لا في الأعيان، وذلك لتمكين صاحب الأجل من اكتساب الثمن في المدة المعينة، ولا حاجة لهذا في الأعيان.

الشروط في المبايعات ثلاثة أنواع
شرط صحيح، وشرط فاسد، وشرط لغو باطل.
1)- الشرط الصحيح
أي “المعتبر الملزم للمتعاقدين” ثلاثة أنواع :-
1- ما يقتضيه العقد : كأن يشتري شخص شيئاً بشرط أن يسلم البائع المبيع، أو يسلم المشتري الثمن، أو بشرط أن يملك المبيع أو الثمن، أو بشرط أن يحبس البائع المبيع حتى أداء جميع الثمن، فهذه شروط تبين مقتضى العقد، لأن ثبوت الملك، والتسليم والتسلم، وحبس المبيع من مقتضى المعاوضات.
2- ما ورد الشرع بجوازه : كشرط الأجل والخيار لأحد المتعاقدين، فقد أثبت الشرع في وقائع عن النبي عليه الصلاة والسلام جواز التأجيل لمدة معلومة لحاجة الناس إليه، لما فيه من المصلحة، كما ثبت في الشرع جواز خيار الشرط في إمضاء البيع أو رده خلال مدة معلومة.
3- ما يلائم مقتضى العقد، كالبيع بثمن مؤجل على شرط أن يقدم المشتري كفيلاً أو رهناً معينين بالثمن، فإن الكفالة والرهن : استيثاق بالثمن، فيلائم البيع ويؤيد التسليم.

2)- الشرط الفاسد
أو بتعبير أوضح : المفسد : وهو ما خرج عن الأقسام الثلاثة السابقة أي لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ولا ورد به الشرع ولا يتعارفه الناس، وإنما فيه منفعة لأحد المتعاقدين، كأن اشترى حنطة على أن يطحنها البائع، أو قماشاً على أن يخيطه البائع قميصاً، أو اشترى حنطة على أن يتركها في دار البائع شهراً، أو يبيع شخص داراً على أن يسكنها البائع شهراً، ثم يسلمها إليه، أو أرضاً على أن يزرعها سنة أو دابة على أن يركبها شهراً، أو على أن يقرضه المشتري قرضاً، أو على أن يهب له هبة ونحوها.
فالبيع في هذا كله فاسد، لأن زيادة منفعة مشروطة في العقد تكون ربا، لأنها زيادة لا يقابلها عوض في عقد البيع، وهو تفسير الربا.

3)- الشرط اللغو أو الباطل
وهو ما كان فيه ضرر لأحد العاقدين، كأن يبيع شيئاً بشرط ألا يبيعه المشتري أو لا يهبه، فالبيع جائز والشرط باطل على الصحيح عند الحنفية، لأن هذا شرط لا منفعة فيه لأحد، فلا يوجب الفساد، لأن فساد البيع في مثل هذه الشروط لتضمنها الربا، بزيادة منفعة مشروطة في العقد لا يقابلها عوض، ولم توجد المنفعة في هذا الشرط، لأنه لا منفعة فيه لأحد إلا أنه شرط فاسد في نفسه، لكنه لا يؤثر في العقد، فيكون العقد جائزاً، والشرط باطلاً.

وعند الحنفية
لا يلتحق به ولا يفسد العقد ويلغو الشرط لأن إلحاق الشرط الفاسد بالعقد يغير العقد من الصحة إلى الفساد، فلا يصح فبقي العقد صحيحاً، كما كان، لأن العقد كلام لابقاء له، والالتحاق بالمعدوم لا يجوز، فكان ينبغي ألا يصح الإلحاق أصلاً، إلا أن إلحاق الشرط الصحيح بأصل العقد ثبت شرعاً للحاجة إليه، حتى صح قرانه بالعقد، فيصح إلحاقه به.

و مذهب الشافعية
فهو ما يأتي :- إذا شرط في البيع شرط فإِن كان شرطاً يقتضيه العقد كتسليم المبيع والرد بالعيب ونحوهما، صح العقد، لأن الشرط المذكور مبين لما يقتضيه العقد. وكذلك يكون العقد صحيحاً إن شرط شرط لا يقتضيه العقد، ولكن فيه مصلحة لأحد العاقدين كالخيار والأجل والرهن والضمان أو الكفالة، لأن الشرع ورد بجوزاه، ولأن الحاجة تدعو إليه.

فإِن شرط ما سواه من الشروط التي تنافي مقتضى البيع كأن اشترط البائع على المشتري ألا يبيع المبيع، أو لا يهبه، أو أن يبيعه شيئاً أو يقرضه مبلغاً من المال أو اشترط أن يسكن الدار مدة، أو اشترط المشتري على البائع أن يخيط له الثوب الذي اشتراه منه، أو يحصد له الزرع الذي اشتراه منه، أو يحذو له قطعة الجلد التي اشتراها، ففي كل هذه الحالات يكون البيع باطلاً، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع وشرط.

وقال الحنابلة
يبطل البيع إذا كان فيه شرطان، ولا يبطله شرط واحد لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا بيع ما ليس عندك” رواه أبو داود والترمذي والمراد بالشرطين : ما ليسا من مصلحة العقد، كأن اشترى ثوباً واشترط على البائع خياطته وقصارته، أو طعاماً واشترط طحنه وحمله، فإِن اشترط أحد هذه الأشياء، فالبيع جائز.

والشروط عند الحنابلة أربعة أقسام
أحدها:- ما هو من مقتضى العقد كاشتراط التسليم، وخيار المجلس، والتقايض في الحال فهذا وجوده كعدمه، لا يفيد حكماً معيناً، ولا يؤثر في العقد.
الثاني:- ما تتعلق به مصلحة لأحد العاقدين أو لكيلهما، كالأجل والخيار والرهن والضمين أي الكفيل، والشهادة على البيع، أو اشتراط صفة مقصودة في المبيع، فهذا شرط جائز يلزم الوفاء به. قال ابن قدامة : ولا نعلم في صحة هذين القسمين خلافاً.
الثالث :- ما ليس من مقتضى العقد، ولا من مصلحته، ولا ينافي مقتضاه، وهو نوعان :
1- اشتراط منفعة للبائع في المبيع، فإن كان شرطاً واحداً فلا بأس به كاشتراط المشتري على البائع أن يخيط له الثوب المشترى، أو اشتراط حمل حزمة الحطب إلى موضع معلوم، أو سكنى الدار مدة شهر مثلاً، أو حملانه على الدابة إلى محل معين. والدليل على الجواز حديث جابر، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من جابر بعيراً، واشترط حُملانه عليه إلى أهله في المدينة. رواه أحمد.
2- أن يشترط عقد في عقد، نحو أن يبيعه شيئاً بشرط أن يبيعه شيئاً آخر، أو يشتري منه، أو يؤجره، أو يزوجه، أو يسلفه، أو يصرف له الثمن أو غيره، فهذا شرط فاسد يفسد به البيع، للنهي عن بيعتين في بيعة.
الرابع :- اشتراط ما ينافي مقتضى البيع، مثل أن يشترط ألا يبيع المبيع أو ألا يهبه، أو يشترط عليه أن يبيعه أو يقفه، ففي هذا روايتان عن أحمد، أصحهما أن البيع صحيح، والشرط باطل.

وقال المالكية
في المذهب تفصيل علي ثلاث أقوال :-
1)- فإن كان الشرط يقتضي منع المشتري من تصرف خاص أو عام، فيبطل الشرط والبيع، مثل أن يشترط عليه ألا يبيع المبيع أو لا يهبه، فلا يجوز لأنه من الثُنْيا وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الثُنْيا في البيع إلا أن تعلم، فإِن أسقط هذا الشرط عن المشتري، جاز البيع.
2)- وإن اشترط البائع منفعة لنفسه كركوب الدابة، أو سكنى الدار مدة معلومة يسيرة كشهر وقيل : سنة، جاز البيع والشرط، عملاً بحديث جابر الأنف الذكر.
3)- وإن اشترط البائع شرطاً يعود بخلل في الثمن، فيجوز البيع ويبطل الشرط مثل أن يشترط “إن لم يأته بالثمن إلى ثلاثة أيام، فلا بيع بينهما”. فإن قال البائع للمشتري : “متى جئتك بالثمن رددت إلي المبيع” وهو المعروف ببيع الوفاء عند الحنفية، لم يجز البيع.

خاتمة
خلاصة البحث ورأي الباحث في البيع مع شرط الاحتفاظ بالملكية
بعد أن تعرضا للآراء المختلفة في البيع المعلق على شرط الاحتفاظ بالملكية ورأينا أن لكل منهما أسانيده وحججه في اعتباره بيع معلق على شرط واقف ومن اعتباره بيع معلق علي فاسخ ومن اعتباره بيع مضاف إلى شرط واقف .

ألا أننا نري الأتي :-
1)- أن التكيف القانوني الصحيح للبيع المعلق على شرط الاحتفاظ بالملكية هو بيع مكتمل الأركان يرتب جميع أثاره لكن تنفيذه موقوف إلى تحقق الأجل الذي اتفق علية المتعاقدين طلما أن هذا الشرط لا يخالف الشرع وانه من مقتضي العقد ولا يرتب مصلحة لحد المتعاقدين على الاخري وكان ذلك مراعا عند التوقيع على العقد وتقدير الثمن المدفوع .
2)- وأننا نرفض الآراء القائلة :-
أولا :- بان للبيع المعلق على شرط الاحتفاظ بالملكية هو بيع مضاف إلى أجل واقف لتنفيذ بعض الالتزامات حيث يتفق الأطراف فيه على إرجاء تنفيذ العقد إلى حين حلول الأجل .
بالنسبة للالتزامات المتبادل بين البائع والمشتري في الفترة قبل حلول الأجل تنشأ عن اتفاق إضافي ينظم العلاقة بينهما في هذه المرحلة، والطبيعة القانونية لهذا الاتفاق تتوقف على ما هي شروطه وأحكامه .
ثانيا :- أن العلاقة بين البائع والمشتري في فترة احتفاظ البائع بملكية العقار حتى التسليم هي علاقة ايجارية يحكمها عقد إيجار على سبيل الإيجار لمدة محددة فقد يتفق البائع مع المشتري بأن يلتزم هذا الأخير بدفع مبالغ معينة في مواعيد محددة على سبيل الوديعة على أن يكون المبلغ الأخير في موعد أداء كامل الثمن، ويلتزم البائع من جهة بتسليم الشيء محل عقد البيع على سبيل الوديعة أي الحيازة دون الحق في التصرف والاستعمال والذي يعني ذلك الانتفاع دون الحق في التصرف فان ذلك يصطدم بقاعة أن الملكية في العقارات لا تنتقل ألا بالتسجيل وما دام العقد لم يسجل تبقاء الملكية للبائع وليس للمشتري فكيف يؤجر شخص شيئي لا يملكه .
· أن المشتري له أن يستعمل العين كيفما يشاء وذلك بخلاف عقد الإيجار فان المستأجر ملزم باستعمال العين فيما أعدت لها وعلى النحو المتفق عليه .
· ان البائع لا يضمن الا العيوب التي توجد وقت البيع ألا إذا تعمدا إخفائها ، أما المؤجر يضمن للمستأجر العيوب التي تنكشف في أثناء العقد لان التزامه بتمكين المستأجر من الانتفاع له صفه ممتدة ومستمرة ويستمر طوال مدة العقد .
· يتلقي المشتري الشئ بالحالة التي يوجد عليه ، فى حين ان المؤجر يلتزم بتسلم المستأجر العين بحالة تمكنه من الانتفاع بها بما أعدت له .
ثالثا :- أن العلاقة بين البائع والمشتري في فترة احتفاظ البائع بملكية العقار حتى التسليم هي علاقة عارية استعمال لان من شروط العارية أن يكون المعير مالك للشئ وقت انعقاد العارية وذلك يصطدم بقاعة أن الملكية في العقارات لا تنتقل ألا بالتسجيل وما دام العقد لم يسجل تبقاء الملكية للبائع وليس للمشتري فكيف تنعقد العارية لشخص لا يملكه شيئي .
كما آن من أحكام العارية أن المستعير إذا انفق أموال للمحافظة على الشئ المستعير يحق له الرجوع على المعير بذلك وذلك يخالف أحكام عقد البيع فى أن البائع يكون ملتزم بأي مبالغ تنفق للمحافظة على الشئ المبيع طوال فترة بقائه مع البائع .
كما أن من أحكام عارية الاستعمال أن المستعير لا يكون مسئولا عما يلحق الشئ من تغير او تلف يسببه الاستعمال الذي تبيحه العارية وذلك يخالف أحكام البيع في أن البائع يكون ملزم بأي تغير يطرأ على العين حتى لو كان بسبب استعماله الشخصي للعين طوال الفترة الموجودة فيها العين تحت يده .
كما ان من أحكام العارية انه لا ضمان على المعير فى استحقاق الشئ المعار الا اذا وجد اتفاق وكذلك لا ضمان فى العيوب الخفية الا إذا تعمد الإخفاء الا ان عقد البيع يضمن للمشتري والبائع الشئ المبيع وكذلك يضمن العيوب الخفية التي تنتج عن البيع وذلك بقوة القانون .

في النهاية ….
الله نسأل أن يكون هذا العمل خاصا لوجه الكريم وان يلهمنا السداد فى أعمالنا
والصواب في أقوالنا فهو الموفق والهادي وهو نعم المولي ونعم النصير،،،،

أ- على احمد إبراهيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *