دراسه لإنشاء الرهن الحيازي – بحث قانوني متوسع

دراسه لإنشاء الرهن الحيازي – بحث قانوني متوسع

 

عقد الرهن الحيازي عقد رضائي – أركانه :
رأينا أن عقد الرهن الحيازي ، بعد أن كان في التقنين المدني السابق عقداً عينياً أصبح الآن في التقنين المدني االحالي عقداً رضائياً ، ينعقد بمجرد تبادل إيجاب وقبول متطابقين على رهن حيازي ، دون حاجة إلى رسمية في الرهن الرسمي ، ودون حاجة إلى نقل الحيازة كما في التقنين المدني السابق وقد أصبح نقل الحيازة في التقنين المدني الحالي التزاما في العقد لا ركناً فيه .
ويلفت النظر في رهن الحيازة أركانه ، وهي :
1- المتعاقدان، وهما الراهن والدائن المرتهن .
2- المال المرهون ، وقد يكن عقاراً أو منقولا .
3- الدين المضمون ، وهو كالدين المضمون في الرهن الرسمي .

نص قانوني :
تنص المادة 1089 مدني على ما يأتي :
“تسري على الرهن الحيازي أحكام المادة 1033 وأحكام المواد من 1040 إلى 1042 المتعلقة بالرهن الرسمي([1]).
أما المادة 1033 فقد رأيناها تنص على أنه “1- إذا كان الراهن غير مالك للعقار المرهون فإن عقد الرهن يصبح صحيحاً إذا أقره المالك الحقيقي . . . ، وإذا لم يصدر هذا الإقرار فإن حق الرهن لا يترتب على العقار إلا من الوقت الذي يصبح فيه هذا العقار مملوكاً للراهن . 2- ويقع باطلا رهن المالك المستقبل” . وقد سبق أن عالجنا هذا النص في رهن ملك الغير وفي رهن المال المستقبل ، فلا محل للعودة إلى ذلك( [2] ) .

بقيت المواد من 1040 إلى 1042 ، وهذه هي :
م 1040 : “يجوز أن يترتب الرهن ضماناً لدين معلق على شرط أو دين مستقبل أو دين احتمالي كما يجوز أن يترتب ضماناً لاعتماد مفتوح أو لفتح حساب جار ، على أن يتحدد في يعقد الرهن مبلغ الدين المضمون أو الحد الأقصى الذي ينتهي إليه الدين” .
م 1041 : “كل جزء من العقارات المرهونة ضامن لكل الدين ، وكل جزء من الدين مضمون بالعقار أو العقارات المرهونة كلها ، ما لم ينص القانون أو يقض الاتفاق بغير ذلك” .
م 1042 : “1- لا ينفصل الرهن عن الدين المضمون ، بل يكون تابعاً له في صحته وفي انقضائه ، ما لم ينص القانون على غير ذلك . 2- وإذا كان الراهن غير المدين ، كان إلى جانب تمسكه بأوجه الدفع الخاصة به ، أن يتمسك بما للمدين التمسك به من أوجه الدفع المتعلقة بالدين وبقى له هذا الحق ولو نزل عنه المدين .” .

 

قاعدة التخصيص لا تنطبق أيضاً على الدين المضمون في رهن الحيازة :
وكما لا تنطبق قاعدة التخصيص على رهن الحيازة من حيث العقار المرهون( [3] ) ، كذلك لا تنطبق هذه القاعدة على رهن الحيازة من حيث الدين المضمون .

فلم يرد في النصوص نص يوجه أن يكن الدين المضمون في رهن الحيازة معيناً تعييناً دقيقاً كنص المادة 1035 في الرهن الرسمي .
وكل ما يجب هو تطبيق القواعد العامة ، فيما يتعلق بتعيين الدين المضمون في رهن الحيازة ، فيجب إذن أن يكون الدين المضمون في يرهن الحيازة معيناً أو قابلا للتعيين .

بل إن في النصوص التي قدمناها( [4] ) . وهي تنطبق على رهن الحيازة ، ما يفهم منه جواز أن يكون الدين المضمون في رهن الحيازة ديناً مستقبلا ، وديناً احتمالياً ، واعتماداً مفتوحاً ، وفتح حساب جار ، على أن يتحدد في عقد الرهن الحد الأقصى الذي ينتهي إليه الدين .
كل هذا لا يفهم منه إلا أن الدين المضمون في رهن الحيازة يصح أن يكون قابلا للتعيين ، وليس من الضروري أن يكون معيناً تعييناً دقيقاً .
ونقتصر هنا على الكلام بإيجاز في المواد 1040 إلى 1042 مطبقة على رهن الحيازة ، فنتكلم في تحديد الدين المضمون ، ( م 1040 مدني ) ، وفي أن كل جزء من الشيء المرهون ضامن لكل الدين وكل جزء من الدين مضمون بكل المرهون رهن حيازة ( م 1041 مدني ) ، وفي أن الرهن لا ينفصل عنه ( م 1042 مدني ) .

 

تحديد الدين المضمون :
رأينا( [5] ) أن المادة 1040 تنص على أنه “يجوز أن يترتب الرهن ضماناً لدين معلق على شرط أو دين مستقبل أو دين احتمالي كما يجوز أن يترتب ضماناً لاعتماد مفتوح أو لفتح حساب جار ، على أن يتحدد في عقد الرهن مبلغ الدين المضمون أو الحد الأقصى الذي ينتهي إليه هذا الدين” . والديون المذكورة في النص لا تحمل في ذاتها قدراً كافياً من التحديدِ ، كالديون المستقبلة والديون الاحتمالية ، ولكن في النص وضع قاعدة لتحديدها بتعيين الحد الأقصى الذي ينتهي إليه الدين .

فلا يجوز أن يعقد رهن حيازة لضمان كل الديون التي تثبت في ذمة المدين ، سواء في أية مدة ، أو في مدة معينة ، ما دامت الديون نفسها لم تعين كل دين على حدة من ناحية المقدار والمصدر . كذلك لا يجوز أن يمتد الرهن الحيازي لضمان أي دين آخر لم يعين مقداره ومصدره ، يثبت في ذمة المدين بعد الدين المضمون بالرهن .

ويتحدد الدين المضمون بأمرين :
1– بمقدار : فيتحدد هذا المقدار من رأس مال وفوائد ومتى يبدأ سريان الفوائد . ويستوي في ذلك الدين المنجز والدين المعلق على شرط ، فهذه كلها ديون يمكن ضمانها بالرهن الحيازي . وإذا كمان الدين مستقبلا كاعتماد مفتوح في مصرف لم يسحب منه المدين شيئاً ، أو كان ديناً احتمالياً كفتح حساب جاري يحتمل أن يكون رصيده دائناً أو مديناً ، كان تحديد مقداره في عقد الرهن بتحديد حد أقصى ينتهي إليه الدين . وإذا كان الدين المضمون بالرهن الحيازي هو تعويض عن عمل غير مشروع لم يتحدد مقداره ، وجب تعيين العناصر المعروفة لمقدار هذا التعويض حتى يصبح هذا المقدار معروفاً بقدر الإمكان . أما في القيد ، إذا كان الشيء المرهون عقاراً ، فيجب تحديد مبلغ تقريبي ينتهي إليه الدين ، وهذا المبلغ هو الذي يطلع عليه الغير ويحتج عليه به .

2- وبمصدر الدين : فيجب أيضاً تحديد المصدر ، هل هو عقد أو هو عمل غير مشروع أو إثراء بلا سبب أو إرادة منفردة أو هو القانون . فقد يكون الدين المضمون ثمناً في عقد بيع أو قرضاً أو إيراداً مدى الحياة أو شرطاً في عقد هبة أو التزاماً بعمل أو تعويضاً عن عمل غير مشروع . وقد يكون ديناً معلقاً على شرط أو مضافاً إلى أجل أو منجزاً ، كما قد يون ديناً مستقبلا أو ديناً احتمالياً .

وجزاء عدم تحديد الدين المضمون بالرهن الحيازي على الوجه سالف الذكر ، هو بطلان عقد الرهن الحيازي . والبطلان هنا هو بطلان مطلق ، ويستطيع أن يتمسك به كل ذي مصلحة . فيتمسك به المدين والدائن المرتهن وورثة كل منها والخلف الخاص ، والدائنون المرتهنون المتأخرون في المرتبة ، وحائز الشيء المرهون .

 

كل جزء من الشيء المرهون ضامن لكل الدين وكل جزء من الدين مضمون بكل المرهون رهن حيازة :
وقد رأينا( [6] ) أن المادة 1041 مدني تنص على أن “كل جزء من العقار أو العقارات المرهونة ضامن لكل الدين ، وكل جزء من الدين مضمون بالعقار أو العقارات المرهونة لها ، ما لم ينص القانون أو يقض الاتفاق بغير ذلك” . فالرهن الحيازي ، كما قدمنا( [7] ) ، غير قابل للتجزئة ، “ما لم ينص القانون أو يقض الاتفاق بغير ذلك” . فيجوز أن يتفق الراهن والمرتهن حيازة على أن يكون الرهن الحيازي قابلا للتجزئة ، فيخصص جزء من الدين المضمون لجزء من الأشياء المرهونة حيازة ، وبذلك يصبح رهن الحيازة قابلا للتجزئة بناء على هذا الاتفاق .
وقد جعل القانون رهن الحيازة غير قابل للتجزئة ، بحيث إذا لم يتفق الراهن مع الدائن المرتهن على تجزئته أو لم يتنازل الدائن المرتهن عن عدم التجزئة أصبح الرهن غير قابل للتجزئة ، لأن هذا هو في مصلحة الدائن المرتهن ، ويفرض القانون أن هذا هو ما أراده المتعاقدان إلا إذا اتفقا على غير ذلك . لذلك يجوز للدائن المرتهن ، بعد انعقاد رهن الحيازة ، أن ينزل عن عدم قابليته للتجزئة . فإذا كان هناك مثلا عقار ومنقول متساوياً القيمة ومرهونان رهن حيازة ضماناً لوفاء دين ، ووفى المدين نصف الدين ، جاز للدائن المرتهن أن ينزل عن رهن المنقول ويستبقي الرهن على العقار ضماناً لوفاء نصف الدين الباقي .

وهذا الارتباط ما بين الشيء المرهون والدين المضمون ، المبني على عدم قابليته رهن الحيازة للتجزئة ، له معنيان:
( المعنى الأول ) أن أي جزء من الشيء المرهون رهن حيازة ضامن لكل الدين . فلو كان المرهون عقاراً ومنقولا ، فإن الدائن المرتهن يستطيع باعتباره دائناً مرتهناً أن ينفذ بكل الدين على المنقول وحده دون العقار ، فإذا استوفى كل حقه من هذا المنقول برئت ذمة المدين وتخلص العقار من الرهن . وإذا باع المدين الراهن العقار ، كان هذا العقار مرهوناً في كل الدين ، وجاز للدائن المرتهن أن يتتبع العقار في يد المشتري وينفذ عليه بكل الدين لا بجزء من الدين يتناسب مع العقار المبيع . وإذا فرض أن العقار المرهون انتقل إلى ورثة مالكه ، فإن الجزء من العقار الذي يملكه كل وارث يبقى مرهوناً في كل الدين ، ولا يجوز شطب الرهن عن هذا الجزء بعد سداد نصيب الوارث من الدين ، بل إن الرهن لا يشطب إلا بعد سداد الدين كله . ويتبين مما تقدم أنه إذا رهن عقار ومنقول في دين واحد ،جاز للدائن المرتهن أن يختار العقار لينفذ عليه بحقه كله . فلا يكون هذا الدائن المرتهن مجبراً على أن يقسم الدين بين العقار والمنقول ، وأن ينفذ على العقار بنصيبه في الدين . ويجوز للدائن المرتهن أن يختار العقار ، كما قدمنا ، للتنفيذ عليه بالحق كله ، حتى لو اضر هذا الاختيار بالدائنين المرتهنين المتأخرين في المرتبة على هذا العقار ، وذلك بشرط ألا يستعمل الدائن المرتهن حق الاختيار هذا بنية الإضرار بالدائنين المرتهنين المتأخرين ، أي دن أن تكون له مصلحة مشروعة في هذا الاختيار ، وإلا كان متعسفا ، في استعمال حقه( [8] ) .

( المعنى الثاني ) أن أي جزء من الدين مضمون بكل الشيء المرهون . فلو وفى المدين ثلثي الدين مثلا وبقي الثلث ، فإن هذا الثلث يبقى مضموناً بكل الشيء المرهون حيازة ، ولا يتخلص ثلثا هذا الشيء من الرهن . فلو باع المدين في هذه الحالة كل الشيء المرهون ، انتقل الشيء إلى المشتري مرهوناً كله في ثلث الدين ، ويجوز للدائن المرتهن أن يتتبع الشيء المرهون في يد المشتري وأن ينفذ عليه بثلث الدين الباقي . إذا مات الدائن المرتهن وورثه ثلاثة أشخاص بأنصبة متساوية ، فإن كل وارث يكون له ثلث الدين المضمون ولكنه يستطيع ا ينفذ بحقه هذا على كل الشيء المرهون ، وإذا مات المدين الراهن عن ثلاثة من الورثة بأنصبة متساوية ، ففي القانون الفرنسي حيث يورث الدين عن المدين يكون كل وارث مسئولا عن ثلث الدين ، ولكن إذا انتقل إليه الشيء المرهون كله ، جاز للدائن المرتهن أن ينفذ الشيء بكل الدين ، ويكون للوارث الرجوع على الوارثين الآخرين كل منهما بقدر نصيبه في الدين .

 

عدم انفصال الرهن عن الدين المضمون :
وقد رأينا( [9] ) أن المادة 1042 مدني تنص على أنه “1- لا ينفصل الرهن عن الدين المضمون ، بل يكون تابعاً له في صحته وفي انقضائه ، ما لم ينص القانون على غير ذلك . 2- وإذا كان الراهن غير المدين ، كان له إلى جانب تمسكه بأوجه الدفع الخاصة به ، أن يتمسك بما للمدين التمسك به من أوجه الدفع المتعلقة بالدين ، ويبقى له هذا الحق لو نزل عنه المدين” . فرهن الحيازة تابع للدين المضمون ، فلا ينفصل عنه بل يسير معه وجوداً عدماً . وللكفيل العيني ( الراهن غير المدين ) الحق في أن يتمسك بأوجه الدفع الخاصة بالدين ، وذلك إلى جانب الدفوع الخاصة به .

أما أن رهن الحيازة تابع للدين المضمون ، فذلك لأن رهن الحيازة لا يقوم إلا بقيام الدين المضمون . فلا بد أن يكن الدين المضمون التزاماً مدنياً صحيحاً ، حتى يكون رهن الحيازة صحيحاً . أما إذا كان الدين المضمون باطلا أو قابلا للإبطال أو للنقض ، فإن رهن الحيازة يكون كالدين المضمون باطلا أو قابلا للإبطال أو للنقض . ويختفي رهن الحيازة باختفاء الدين المضمون . فإذا انقضى الدين المضمون بأية طريقة من طرق الانقضاء ، فإن رهن الحيازة ينقضي بانقضاء الدين المشمون . فرهن الحيازة تابع ، والدين المضمون متبوع . يبطل رهن الحيازة كلما بطل الدين المضمون ، وينقضي كلما انقضى . وعلى ذلك إذا كان الدين المضمون باطلا لعيب في الشكل أو لانعدام الرضاء أو لعدم توافر شروط المحل أو لعدم مشروعية السبب ، كان رهن الحيازة باطلا مثله . وكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان ، فيتمسك به المدين الراهن وخلفه العام وخلفه الخاص ، وكل دائن مرتهن متأخر في المرتبة ، وكل حائز للشيء المرهون . وللمدين الراهن أن يتمسك بإبطال عقد الرهن ، إذا كان الدين المضمون قابلا للإبطال لعيب في الرضاء أو لنقص في الأهلية . وكذلك يجوز للمدين الراهن أن يتمسك بانقضاء الدين المضمون ، إذ أن الرهن قد انقضى كانقضاء الدين . فإذا انقضى الدين المضمون بالوفاء أو بالوفاء بمقابل أو بالتجديد أو بالمقاصة أو باتحاد الذمة أو بالإبراء أو باستحالة التنفيذ أو بالتقادم ، جاز للراهن أن يتمسك بانقضاء الرهن تبعاً لانقضاء الدين المضمون . وفي هذا تقول الفقرة الأولى من المادة 1042 ، كما رأينا ، “لا ينفصل الرهن عن الدين المضمون ، بل يكون تابعاً له في صحته وفي انقضائه ، ما لم ينص القانون على غير ذلك” . ومما نص القانون فيه على غير ذلك ، فيبقى الرهن مع انقضاء الدين المضمون ، دعوى الحلول . فيجوز لشخص أن يفي بالدين فنقضي ، ويحل محل الدائن المرتهن حلولا قانونياً أو حلولا اختيارياً فيرجع على الراهن التي حل فيها محل الدائن المرتهن .

وأما أن للكفيل العيني في أن يتمسك بأوجه الدفع المتعلقة بالدين إلى جانب الدفوع الخاصة به ، فذلك واضح . ذلك أنه ما دام المدين الراهن . يستطيع أن يتمسك بأوجه الدفع المتعلقة بالدين ، كأن يكون الدين باطلا أو قابلا للإبطال أو منقضياً ، كذلك يجوز للراهن ولو لم يكن مديناً أن يتمسك بأوجه الدفع هذه ، فإن الرهن الحيازي الواقع على ملكه تابع للدين ، فيكون باطلا أو قابلا للإبطال أو منقضياً بحسب الدين نفسه . وللكفيل العيني أن يتمسك بأوجه الدفع هنا ، حتى لو نزل عنها المدين . فإذا كان الدين قابلا للإبطال للإكراه مثلا ، ونزل المدين عن التمسك بإبطال الدين ، فإن هذا النزول لا يمنع الكفيل العيني من التمسك بإبطال الدين حتى يستطيع أن يبطل الرهن المعقود على ملكه . فيكون إذن للكفيل العيني أن يتمسك بأوجه الدفع الخاصة بالدين نفسه لأن يكفله ، وله أيضاً أن يتمسك بأوجه الدفع الخاصة به . وهذا طبيعي ، لأن الكفيل العيني له أن يتمسك بالدفوع التي يتمسك بها الكفيل الشخصي ، فهو لم يخرج ع كونه كفيلا يضمن دين الغير ، فيستطيع أن يتمسك بالدفوع الخاصة بهذا الدين ، وبالدفوع الخاصة به هو . فيجوز للكفيل العين أن يتمسك بأن الدين المضمون باطل ، أو قابل للإبطال ، أو منقض أما الدفوع المتعلقة بالكفيل العيني نفسه ، فهي ترجع إلى العقد المبرم ما بين الكفيل العيني الدائن المرتهن . فيجوز أن يكون هذا العقد باطلا أو قابلا للإبطال ، دون أن يكون الدين المضمون باطلا أو قابلا للإبطال ، ففي هذه الحالة يجوز للكفيل العيني أن يدفع بأن عقده مع الدائن المرتهن باطل أو قابل للإبطال ، فيتخلص من الرهن الذي عقده مع بقاء المدين الأصلي ملزماً بالدين . وقد ترجع الدفوع الخاصة بالكفيل العيني إلى ما يرد على عقده من أوصاف ، كعدم تحقق الشروط الواقف أو تحقق الشرط الفاسخ . فيتمسك الكفيل العين بأن الرهن الذي عقده لم ينشأ لأنه كان معلقاً على شرط واقف لم يتحقق ، أو على شرط فاسخ تحقق . كذلك قد ترجع الدفوع الخاصة بالكفيل العيني إلى أن الرهن قد انحل دون أن ينقضي الدين المضمون ، ويتحقق ذلك مثلا إذا نزل الدائن المرتهن عن الرهن فينقضي دون أن ينقضي الدين المضمون ، فيجوز للكفيل العيني في هذه الحالة أن يتمسك بانقضاء الرهن .

 

الرهن التجاري :
ولا يراعى القضاء في الرهن التجاري ما يراعيه في الرهن المدني . فيجوز ا قعد الرهن التجاري ضماناً لدين غير معين( [10] ) ، وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن النص في عقد الرهن التجاري الذي يرهن بموجبه العميل إلى المصرف أوراقاً تجارية معينة ومهره من تأميناً لكل ما عسى أن ينشأ في ذمته من دين لذلك المصرف يقع صحيحاً ، ولو تضمنه نموذج مطبوع اقتصر على توقيعه( [11] ) . وقضت أيضاً بأنه لا يمنع من صحة الرهن أن يكون المرهون سلعاً سيصير تسليمها ، وأن يكون الدين المضمون هو المصروفات التي تتكلفها هذا السلع إذ أن هذه المصروفات لا يمكن تعيينها إلا بعد وصول كل السلع( [12] ) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( [1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1534 من المشروع التمهيدي . وتليت هذه المادة على لجنة المراجعة ، فعدلت من أرقام المواد ، ووافقت على النص بعد هذا التعديل تحت رقم 1202 في المشروع النهائي .وعدل مجلس النواب في أرقام المواد ، ووافق على النص تحت رقم 1123 . ووافقت لجنة مجلس الشيوخ على النص ، بعد تعديل في أرقام المواد تحت رقم 1098 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 7 ص 197 – 198 ) .
التقنين المدني السابق م 546 / 669 : جملة الرهن ضامنة لكل جزء من الدين .
( [2] ) انظر آنفاً فقرة 511 – فقرة 512 .
( [3] ) انظر آنفاً فقرة 517
( [4] ) انظر آنفاً فقرة 521 .
( [5] ) انظر آنفاً فقرة 521 .
( [6] ) انظر آنفاً فقرة 521 .
( [7] ) انظر آنفاً فقرة 500 .
( [8] ) انظر فيما يتعلق بالرهن الرسمي نقض فرنسي 9 مايو سنة 1905 داللوز 1909 – 1- 225 – بلانيول وريبير وبيكيه 12 فقرة 340 ص 386 .
( [9] ) انظر آنفاً فقرة 521 .
( [10] ) استئناف مختلط 14 يونيه سنة 1933 م 45 ص 325 – 9 مايو سنة 1934 م 46 ص 286 – 7 فبراير سنة 1940 م 52 ص 136 .
( [11] ) استئناف مختلط 24 أبريل سنة 1933 م 45 ص 249 – 14 يونيه سنة 1933 م 45 ص 325 – 9 مايو سنة 1934 م 46 ص 286 .
( [12] ) استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1940 م 52 ص 136 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *