مدى صحة التحريات وإذن التفتيش في حالة إنتفاء محضر التحريات من التهمة المنسوبة للمتهم

مدى صحة التحريات وإذن التفتيش في حالة إنتفاء محضر التحريات من التهمة المنسوبة للمتهم.

(1) كان قضاء النقض قد جري منذ زمن وحتي الآن علي أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار أمر التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومادام أن المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن

فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ومتي سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض وبالتالي فإن مجرد عدم اشتمال محضر التحريات اسم المتهم أو لقبه أو صناعته – بفرض حصوله – لا يقدح بذاته في عدم جدية التحريات ما دام هو المقصود به

( علي سبيل المثال الطعن 23631 لسنة 69 ق جلسة 6/ 3/ 2003 ؛الطعن رقم 43358 لسنة 85 جلسة 2018/01/17)

وعلي الرغم من منازعة جمهور الفقه في صحه هذا القضاء وانتقاده تأسيسا علي أن عدم ذكر بيانات دقيقه عن المتهم المطلوب تفتيشه او الخطأ فيها ينم عن عدم جديه التحريات والا لتوصلت الي حقيقه بيانات المتهم وهذا كاف لبطلان الإذن بالتفتيش كما أن قاله النقض أن هذا الخطا غير معتبر مادام أن المتهم هو المقصود بالاذن فهذا القول مردود عليه بأن الاعمال الإجرائية محكومة من جهتي الصحه والبطلان بمقدماتها وليس نتائجها.

(2)وبدلا من أن تراجع محكمة النقض قضاؤها المنتقد إذ بها في حكم حديث نسبيا تضيف إلي أحكامها المنتقدة مبدأ حاصلة أن عدم ذكر التهمة المنسوبة إلي المتهم في محضر التحريات لا ينال من جدية التحريات أو أذن التفتيش الصادر ارتكاننا إلي التحريات لأن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار أمر التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومادام أن المحكمة اقتنعت بجديه التحريات فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل

(الطعن رقم 12293 لسنة 83 جلسة 2014/06/01 س 65).

(3)وهذا الحكم الأخير ما هو إلا استكمالا لمذهب النقض الحديث في التساهل مع رجال الضبط القضائي في محاضر التحريات سيما في قضايا المخدرات والسلاح. ولكن الملاحظ أن محكمة النقض اندفعت في هذا الحكم فخالفت شرط جوهري من شروط إذن التفتيش وهو بيان الجريمة محل الإذن أو بالاحري الصادر الإذن لكشف الحقيقة فيها وضبط ادلتها. ذلك ان خلو محضر التحريات من التهمة المسندة للمتهم يعجز سلطه التحقيق عن إصدار إذن التفتيش

لأن شرط صدور الإذن بالتفتيش أن تكون هناك جناية أو جنحة وقعت فعلا وأنه مما يفيد التحقيق ضبط أدلتها وان تتوافر أمارات علي أن المراد تفتيشه يخفي تلك الادلة وإلا كان الإذن باطلا لتخلف سببه. وهو ما يقتضي بداهتة تحديد الجريمة أو بالأحرى التهمة في محضر التحريات المسوغ للاذن كي يتحقق مصدر الإذن ابتدأ والمحكمة انتهاء أن الجريمة محل الإذن يسوغ فيها التفتيش وأنها منتجه للدليل وبغير ذلك يبطل إلاذن لتخلف شرطه.

بل إن خلو محضر التحريات من بيان التهمة أو الجريمة يؤكد بما لا يدع مجالا للشك عدم جديه التحريات ولو اجتهدت محكمة النقض في انتحال المعاذير إذ كيف يطلب رجل الضبط القضائي إذن تفتيش عن تهمة تشكل جريمة لم يذكرها في تحرياته ؟

بل ان مذهب النقض يفتح باب التحكم من جانب رجال الضبط اذ لا يعجز رجل الضبط عن ترديد اقوال مرسله وخاطئه في تحرياته للحصول علي إذن التفتيش فتنتهك الحرمات وتهدر الحريات وبات لزوم الإذن القضائي المسبب لصحه التفتيش عبثا بل لغوا لا ضمانه فيه ولشقي البريء بسبب المذنب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *