العلاقه بين قانون التجاره الدولي وقانون التجاره الوطني

العلاقه بين قانون التجاره الدولي وقانون التجاره الوطني

 

1 المقصود بقانون التجارة الدولية :
زادت أهمية التجارة الدولية ، وتعقدت مشاكلها ، بحيث أصبح الاهتمام بمحاولة البحث عن حلول لمشاكلها القانونية يشغل بال الباحثين والمشرعين فى مختلف الدول سواء على المستوى الوطنى أو على المستوى الدولى .

وأصبح المجتمع التجارى الدولى ، تؤيده منظمات دولية وهيئات تجارية ، يسعى إلى خلق قواعد موحدة تحكم النشاط التجارى الدولى بغض النظر عن طبيعة النظام الاقتصادى الذى يسود فى دولة من الدول ، ودون اعتبار لطبيعة النظام القانونى الذى تتبعه هذه الدول ، فهى قواعد تنبع من العرف التجارى الدولى دون اعتبار للتقسيم السائد فى دول العالم إلى دول اشتراكية ودول رأسمالية ودول تطبق نظام القانون المشترك (1) (قانون العموم Common Law ) أو دول تطبق القانون المدنى المشتق من القانون الرومانى (2)‎‎‎ .{ صفحة 3} .

على أن الحقيقة السابقة لا تصل بنا إلى حد القول أن قانون التجارة الدولية فى مختلف الدول يعتبر موحداً ، بل الأدق أن نقول أنه يعتبر متشابها (3) .

وإذا كانت طبيعة التجارة الدولية هى التى أدت إلى تشابه النظم القانونية التى تحكمها فى مختلف دول العالم ، فإن هذا لا يغير من أن تطبيق قواعد قانون التجارة الدولية فى كل دولة منوط بقبول السلطات المختصة لها .

ولا نجد لقانون التجارة الدولية تعريفاً ، خيراً من تعريف الأمانة العامة للجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة عند البحث فى إنشاء لجنة لتوحيد أحكام قانون التجارة الدولية سنة 1965 فهذا القانون هو ” مجموعة القواعد التى تسرى على العلاقات التجارية المتعلقة بالقانون الخاص والتى تجرى بين دولتين أو أكثر ” (4) ويشتمل قانون التجارة الدولية على مجموعة الاتفاقيات الدولية والعقود النموذجية والشروط العامة المبرمة فى مجال معين بالإضافة إلى العرف التجارى الدولى السائد فى علاقة تجارية معينة .

2 العلاقة بين القانون التجارى الوطنى وقانون التجارة الدولية :
نلاحظ أن الفارق بين القانون التجارى الوطنى وقانون التجارة الدولية فى دول الاقتصاد المخطط ، أن القانون الأول يعتبر جزءاً من القانون الاقتصادى العام الذى تخضع له المؤسسات القائمة بالنشاط الاقتصادى والذى يقوم على إرادة المشرع الذى يضع قواعد قانونية عامة يخضع لها النشاط الاقتصادى بطريقة حاسمة ، أما قانون {صفحة 4} التجارة الدولية فإنه يستند على مبدأ سلطان إرادة المتعاقدين التى لا تكملها أحكام القانون التجارى الوطنى . ومن ثم فإنه إذا اختلفت طبيعة أحكام القانون التجارى الوطنى فى الدول الاشتراكية عنها فى الدول الرأسمالية ، فإن قواعد قانون التجارة الدولية تكاد تكون واحدة فى النظامين . ويؤكد هذا المبدأ استقلال القانون التجارى الوطنى عن قانون التجارة الدولية .

وإذا كان كل من القانون التجارى الوطنى وقانون التجارة الدولية يتضمن قواعد موضوعية ، فإن القانون الوطنى يقتصر عمله على نطاق الدولة التى تصدر فيها بينما تجاوز أحكام قانون التجارة الدولية حدود الدول ليحكم العلاقات التى تنشأ فى إقليم أكثر من دولة (5) .

ويختلف معيار الدولية بحسب نوع العلاقة التى تنظمها أحكام قانون التجارة الدولية ، لذلك تحدد الاتفاقيات الدولية عادة المقصود بدولية العلاقة التى تحكمها ، وقد يختلف تبعاً لذلك معيار الدولية من حالة إلى أخرى .

3 قانون التجارة الدولية والقانون الدولى الخاص :
تهدف أحكام القانون الدولى الخاص الى وضع قاعدة أسناد عند تنازع القوانين التى تحكم علاقة معينة ، أما قانون التجارة الدولية فإنه يشتمل على مجموعة الاتفاقيات الدولية المبرمة فى مجال التجارة الدولية ، وعلى ذلك نرى أنه بينما يعنى القانون الدولى الخاص بتعيين القانون الوطنى الواجب التطبيق فى مجال تنازع { صفحة 5 } القوانين على العلاقة القانونية موضوع النزاع ، فإن قانون التجارة الدولية يهدف إلى إيجاد قواعد موضوعية فى شأن هذه العلاقة تحل محل القواعد الوطنية وتقضى بالتالى على التنازع بينها (6) .

4 الهيئات المهتمة بتوحيد قانون التجارة الدولية :
ان الطريق إلى توحيد قانون التجارة الدولية طويل وشاق ومع ذلك فقد قامت بعض الهيئات الدولية باتخاذ خطوات واسعة نحو إتمام هذا الهدف . وهذه الهيئات إما حكومية (7) أو غير حكومية .

والهيئات الحكومية هى التى تتكون من عضوية حكومات بعض الدول ، ويمثلها مندوبون فيها ، وأهم هذه الهيئات لجنة قانون التجارة الدولية التابعة للأمم المتحدة ومقرها فيينا والتى تعرف باسم UNCITRAL وسنعرض لها فيما بعد ، والمعهد الدولى لتوحيد القانون الخاص فى روما والمعروف باسم UNIDROIT وتلعب دوراً كبيراً فى توحيد القوانين الموضوعية لقانون التجارة الدولية (8) ، ومؤتمر لاهاى للقانون الدولى الخاص الذى يهدف إلى توحيد القواعد الوطنية لتنازع القوانين دون القواعد الموضوعية لقانون التجارة الدولية ، والمنظمة العالمية للملكية الذهنية WIPO .

أما الهيئات غير الحكومية فهى التى تتكون من أعضاء لا يمثلون حكومات معينة وإنما يشتركون فيها بصفاتهم الشخصية من المتخصصين والمشتغلين بقانون التجارة الدولية وأهم هذه الهيئات غرفة التجارة { صفحة 6 } الدولية بباريس ICC (9) ، واللجنة البحرية الدولية فى بروكسل IMC ، وتعمل على توحيد القانون البحرى على المستوى الدولى (10) .

5 لجنة قانون التجارة الدولية UNCITRAL :
كان الأستاذ شميتوف Clive Schmitthoff من أوائل الداعين إلى أهمية وجود تنظيم فعال لتوحيد قانون التجارة الدولية وقد أبرز هذا المعنى فى الندوة التى نظمتها الجمعية الدولية للعلوم القانونية سنة 1962 فى لندن بتشجيع وتدعيم مالى من منظمة اليونسكو ، وقد اشترك أبرز أساتذة العالم من المتخصصين فى هذا المجال فى هذه الندوة ونشرت أعمالها والبحوث المقدمة فيها فى كتاب بعنوان مصادر قانون التجارة الدولية The Sources of The Law of International Trade, Edited by Schmitthoff, Stevens & Sons, London 1964. لذلك لم يكن غريبا ، عندما فكرت هيئة الأمم المتحدة فى تكوين لجنة لقانون التجارة الدولية ، سنة 1965 أن تدعو الأستاذ شميتوف لتستعين به فى وضع تقرير فى مجال توحيد قانون التجارة الدولية، وفى السنة التالية قدم هذا التقرير معتمداً على الدراسة العميقة التى أعدها الأستاذ المذكور ، وعرض التقرير لتطور قانون التجارة الدولية وأشار إلى النجاح المحدود للمحاولات المبكرة لتوحيد هذا القانون ، وقد أبرز التقرير أنه لا توجد هيئة من الهيئات المهتمة بتوحيد القانون تتمتع بقبول دولى وتمثل مصالح جميع الدول على اختلاف نظمها السياسية والاقتصادية وسواء كانت من الدول المتقدمة أو الدول النامية مما يبرر ضرورة وجود هيئة موحدة تدعو إلى التوحيد وتتمتع بقبول دولى وانتهى الاقتراح إلى إنشاء لجنة جديدة تسمى لجنة الأمم المتحدة { صفحة 7 } لقانون التجارة الدولية United Nations Commission on international Trade Law.

واجتمعت الجمعية العامة للأمم المتحدة وأصدرت قراراً فى ديسمبر 1966 بإنشاء هذه اللجنة التى عرفت باسم اليونسيترال UNCITRAL وهى تسمية مأخوذة من الحروف الأولى لاسم اللجنة باللغة الانجليزية ، وضمت اللجنة عند تكوينها تسع وعشرين دولة كأعضاء فيها ، منها سبع دول أفريقية بينها مصر ، وخمس دول آسيوية وأربع دول من أوروبا الشرقية وخمس دول من أمريكا اللاتينية وثمان دول من غرب أوروبا ومن دول أخرى منها الولايات المتحدة الأمريكية (11) .

واقترح أن تكون مهمة اللجنة إعداد وترويج معاهدات أو اتفاقيات دولية جديدة ونماذج قوانين Model Laws وقوانين موحدة وتقنين ونشر الاصطلاحات والشروط والعادات والأعراف التجارية الدولية .

وفى ربيع سنة 1968 عقدت اللجنة أول اجتماع لها فى نيويورك وأشار الأستاذ شميتوف فى هذا الاجتماع إلى أن الإنجاز العظيم الذى تم بإنشاء هذه اللجنة ، أنها أنشئت دون صعوبات تذكر بسبب طبيعة نشاطها باعتباره نشاطا فنيا غير سياسى من طبيعة قانونية . وكانت هذه هى فعلا البداية التى تشكل حجر الأساس للمشاركة فى أعمال هذه اللجنة على نطاق واسع من جميع الدول (12) .

ويجوز للجنة أن تكون مجموعات عمل Working groups من عدد محدود من الأعضاء للقيام بإعداد مشروع اتفاقية أو تعديل { صفحة 8 } اتفاقية أو لدراسة موضوع معين أو لوضع نموذج لقانون موحد أو لعقد موحد ثم يناقش هذا العمل بعد ذلك فى اللجنة . وقد اختارت اللجنة فى أول دورة لها سنة 1968عدة موضوعات تقوم بدراستها وهى : –
البيع التجارى الدولى ، والتحكيم ، والنقل ، والتأمين والوفاء بالديون الدولية عن طريق الأوراق التجارية والاعتمادات المصرفية ، والملكية الذهنية ، وتحريم التفرقة بين الدول فى القوانين المتعلقة بالتجارة الدولية ، والتمثيل التجارى ، والتصديق على الوثائق فى مجال التجارة الدولية . وقررت اللجنة الأولوية للبيع التجارى الدولى ، وطرق الوفاء بالديون الدولية ، والتحكيم التجارى الدولى (13) .

وقد أنجزت اللجنة حتى الآن عدداً لا بأس به من الاتفاقيات الدولية والقواعد النموذجية أهمها :
1 اتفاقية مدة التقادم فى البيع الدولى للبضائع فى نيويورك سنة 1974 ، والبروتوكول المعدل لاتفاقية مدة التقادم فى البيع الدولى للبضائع فى فيينا سنة 1980 .

2 اتفاقية الأمم المتحدة للنقل البحرى للبضائع لعام 1978 فى هامبورج وتعرف باسم قواعد هامبورج والتى ستدخل دور النفاذ فى أول نوفمبر سنة 1992 فيما يتعلق بالدول المنضمة إليها .

3 اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولى للبضائع فى فيينا سنة 1980 والتى دخلت دور النفاذ فى أول يناير سنة 1988 فيما يتعلق بالدول التى انضمت إليها .

4 النظر فى اتفاقية نيويورك سنة 1958 والتى لم تنبع عن عمل اللجنة والمتعلقة بالاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها وقد انضمت مصر إلى هذه الاتفاقية فى 9 مارس سنة 1959 .{ صفحة 9 } .

5 القانون النموذجى للتحكيم التجارى الدولى فى يونيو 1985. وقد شكلت وزارة العدل المصرية لجنة لوضع مشروع قانون للتحكيم التجارى الدولى وضعت مشروعا تبنت فيه القانون النموذجى لليونسيترال ، ولم يصدر هذا القانون حتى الآن (14) .

6 اتفاقية الأمم المتحدة بشأن السفاتج ( الكمبيالات ) الدولية والسندات الإذنيه الدولية والتى أقرتها اللجنة فى اجتماعها فى فيينا بتاريخ 14 أغسطس 1987 .

7 الدليل القانونى لصياغة العقود الدولية لتشييد المنشآت الصناعية حسبما أقرته مجموعة العمل التى انعقدت فى نيويورك فى أبريل 1987 ، وقد أقرته اللجنة فى فيينا بتاريخ 14 أغسطس عام 1987 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *