جريمة هتك العرض وتوضيح ركن القوة

جريمة هتك العرض وتوضيح ركن القوة.

(1) من المعلوم أن الركن المادى في جريمة هتك العرض يتوافره بكل فعل مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجنى عليه ويخدش عاطفة الحياء عنده

( الطعن رقم ٥١٧٥ لسنة ٨١ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٢/٠٢/١٦)

سواء بملامسة الجاني أو كشفه جزءاً من جسم المجني عليها مما يعد من العورات

(الطعن رقم ٩٤٣ لسنة ٨٦ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٦/١٢/٢٨)

ولقد جعل المشرع من هتك العرض في كل أحواله جناية مع التفرقة في العقوبة بين هتك العرض بالقوة أو التهديد وبين هتك العرض بدون قوة أو تهديد ثم شدد العقوبة بحسب سن المجني عليه ونص علي ذلك في المادتين ٢٦٨و٢٦٩ من قانون العقوبات

إذ نصت المادة ٢٦٨ علي أن “كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك يُعاقب بالسجن المشدد.وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة أو كان مرتكبها أو أحد مرتكبيها ممن نُص عليهم في الفقرة الثانية من المادة (267) تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات، وإذا اجتمع هذان الظرفان معاً يُحكم بالسجن المؤبد”.

ونصت المادة ٢٦٩ علي أن “كل من هتك عرض صبي أو صبية لم يبلغ سن كل منهما ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة بغير قوة أو تهديد يُعاقب بالسجن، وإذا كان سنه لم يجاوز اثنتي عشرة سنة ميلادية كاملة أو كان من وقعت منه الجريمة ممن نُص عليهم في الفقرة الثانية من المادة (267) تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات.

(2)هذا وكانت أحكام النقض قد جرت علي أن مفهوم القوة في هتك العرض يتسع ليشمل كافة صور عدم رضا المجني عليه فلا يلزم القوة المادية كالضرب بل تتحقق القوة في جناية هتك العرض بكافة الوسائل القسرية التي تعدم ارادة المجني عليه كمباغتة المجنى عليها

( الطعن رقم ٧٢٠٢٧ لسنة ٧٥ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠١٢/١١/٢٧)

أوالتحايل عليها

(الطعن رقم ٢١٨٦١ لسنة ٦٧ قضائيةالصادر بجلسة ٢٠٠٦/١٢/١١)

أو وضع مخدر لها في مشروب أو مغافلتها.ولكن رأت أحد دوائر النقض الخروج عن هذا المعني وصرف القوة الي القوة المادية فقط دون غيرها. وحين عرض الأمر علي الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض انحازت للاحكام التي تكتفي بكافة صور عدم رضا المجني عليه وتجعله مرادفا للقوة.

وقالت في ذلك من المقرر في قضاء محكمة النقض أن الشارع قصد في باب العقاب على جريمة هتك العرض حماية المناعة الأدبية التى يصون بها الرجل أو المرأة عرضه من أية ملامسة مخلة بالحياء أياً ما كانت وسيلة الجاني في ذلك ، مادامت هذه الملامسة قد استطالت إلى جزء من جسم المجنى عليه يُعد عورة ، وأنه لا يلزم لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يقتصر الأمر على القوة المادية أو التهديد ،

لما هو مقرر من أن ركن القوة يتحقق بكافة صور انعدام الرضاء لدى المجنى عليه ، إذ أنه يتم بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص بقصد تعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم ، فكما يصح أيضاً أن يكون تعطيل قوة المقاومة بالوسائل المادية التى تقع مباشرة على الجسم ، فإنه يصح أن يكون بوسائل القوة غير المادية ، ومن ثم فإنه يجوز أن يتحقق ولو اقتصرت وسيلة المتهم على مفاجأة المجنى عليه ، أو كان بالتحيل كما لو قدم له مشروباً أفقده الوعى أو أدخل في روعه قدرته على علاجه بالجن أو شفائه من مرض عضال بالاستعانة بالسحر ،

وإذ كان انعدام الرضا هو القاسم المشترك بين الوسائل المشار إليها فيما سلف ، فإن مما يندرج فيها عاهة العقل التى تعدم الرضاء الصحيح . لما كان ما تقدم ، وكان قضاء محكمة النقض – على السياق المتقدم – قد أقيم على أسباب صحيحة ، ويحقق العدالة ، والصالح العام ، ويتفق وصحيح القانون ، وتقره الهيئة ، وترفض بالأغلبية المقررة في القانون العدول عن هذه الأحكام ، والمبادئ التى قررتها

(الطعن رقم ٦٦٧٧ لسنة ٨٠ قضائيةالهيئة العامة للمواد الجنائية – جلسة ٢٠١٣/٠٣/٢٣)

(3)ونعتقد أن الهيئة العامة للمواد الجنائية لم يحالفها التوفيق حينما صرفت القوة في جريمة هتك العرض الي مطلق عدم رضا المجني عليه سواء أكانت القوة مادية أو غير مادية. ذلك أن المشرع حينما أراد اعتبار عدم رضا المجني عليها شرط لوقوع الاغتصاب أو بالاحري لقيام جناية مواقعة انثي نص صراحة علي ذلك في المادة ٢٦٧ بقوله

“كل من واقع انثي بغير رضاها” فدل بذلك علي استواء أن يكون عدم رضا الانثي بالمواقعة راجع لقوة مادية أو غير مادية ولكنه في المادتين ٢٦٨و٢٦٩ تحاش استخدام لفظ دون رضاء المجني عليه وأثر معه استخدام لفظ القوة والتهديد تارة ودون قوة أو تهديد تارة أخرى بما يعني أن المشرع لا يقصد بالقوة والتهديد مطلق عدم الرضا الذي يتحقق بالقوة المادية وغيرها من صور عدم الرضا حسبما ذهبت الهيئة العامة للمواد الجنائية وإلا لنص علي ذلك في المادتين ٢٦٨و٢٦٩ اسوة بنص المادة ٢٦٧.

بل أن مسايرة الهيئة العامة للمواد الجنائية يعني الغاء التفرقة التي أقامها المشرع من حيث العقوبة في المادتين ٢٦٨و٢٦٩ بين هتك العرض بالقوة أو التهديد لمن لم يبلغ ثمانية عشر سنه وهتك العرض بدون قوة أو تهديد لمن لم يبلغ هذا السن ويجعلها تحصيل حاصل مادام أن كلاهما يشمل مطلق عدم رضاء المجني عليه.وهذا غير صحيح ذلك أن المشرع شدد العقوبة عند القوة والتهديد بجعلها السجن المشدد لمدة لا تقل عن سبع سنين في حين جعلها السجن أن لم تتوافر قوة أو تهديد. ومن المقرر أن اللفظ هو أداة المشرع في التعبير عن قصدة

ولا يجوز تجاهله والتماس معني آخر إذ المشرع لا يلهوا ومتي استخدم لفظ معين فقد أراد به قطعا معني محدد ولا يجوز الالتفات عما قرره وقصده المشرع من واقع الفاظ النص استهداء بحكمة النص لأن اعمال الكلام اولي من اهماله ولانه متي كان النص واضح الدلالة علي المعني المقصود من الفاظه وجب التزام النص إذ لأ مساغ للاجتهاد ازاء صراحة النص الواجب التطبيق.

ومن ثم نعتقد وبغض النظر عن موقف الهيئة العامة للمواد الجنائية ومدي الزامية ما تقرره أن مفهوم القوة أو العنف في هتك العرض ينصرف إلى القوة المادية وليس مطلق عدم الرضا الذي قد يرجع إلي القوة المادية أو غيرها من وسائل غير مادية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *