مدى جواز التفتيش الوقائي للمتهم لمجرد الإتهام

مدى جواز التفتيش الوقائي للمتهم لمجرد الإتهام.

(1) حدث في احدي القضايا أن استوقف رجل الضبط القضائي متهمان حال استقلالهما سيارة خاصة وعند فحص التراخيص قام بالكشف الفني علي المتهمين من خلال جهاز الحاسب الآلي المحمول وتبين له سبق إتهامها في بعض القضايا فقام بتفتيشهما وقائيا فعثر مع الأول على علبة سجاير تحوى أربعة لفافات من جوهر الهيروين والذى أقر بأنها تخص المتهم الثاني وأنه حملها مقابل تذكرة منها لنفسه .

فقدمت النيابة العامة المتهمين الي محكمة الجنايات لحيازتها واحرازهما جوهر الهيروين المخدر وحكم عليهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات فطعن المتهمان علي الحكم بطريق النقض بسند أن محكمة الموضوع التفت عن دفعهما ببطلان الاستيقاف لتخلف مبرراته وأن القبض والتفتيش تما في غير أحوال التلبس وأن القضايا المزعوم اتهامهما بها جنح انقضت بالتصالح .غير أن محكمة النقض رفضت الطعن تأسيسا علي أن التفتيش الذى أجراه الضابط للطاعنين كان بناء على ما أسفر عنه الكشف الفني وتبين اتهامهما فى قضايا ،

بما يبيح لرجل الضبط التعرض لشخصهما وإجراء التفتيش الوقائي لشخصهما دون السيارة الخاصة قيادتهما ، فإذا ما أسفر هذا التفتيش عن جريمة كان إجراء صحيحاً ويعوَّل عليه فى اتخاذ الإجراءات القانونية قبلهما ويكون ما ينعاه الطاعنان فى هذا الشأن غير سديد. وقالت محكمة النقض في ذلك بأنه من المقرر عملا بالمادتين 34 ، 35 من قانون اإلجراءات الجنائية المعدلتين بالقانون رقم 73 لسنة 1972 المتعلق بضمانات الحريات

اللتين تجيزا لمأمور الضبط القضائي أن يقبض على المتهم الحاضر في أحوال التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر إذا وجدت دلائل كافيــة على اتهامه ، وقد خولته المادة 46 من ذات القانون تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانونا أيا كان سبب القبض أو الغرض منه ،

وكان سند إباحة التفتيش الوقائي في هذه الحالة ، هو أنه إجراء تحفظي يسوغ لكل فرد من أفراد السلطة العامة المنفذة لامر القبض القيام به درءا لما قد يحمله المتهم من سلاح أو أداه يلحق به أذى بشخصه أو يلحق مثل هذا الاذي بغيره ممن يباشر القبض عليه ، فإنه بغير قيام مسوغ من القبض القانوني لايجوز لمأمور الضبط القيام بالتفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق أو كإجراء وقائي.

وإذ كان ذلك ، وكان قد تبين لضابط الواقعة حال فحصه تراخيص السيارات والكشف الفني عن المتهمين اتهامهما في قضية الجنحة المشار إليها فقام بتفتيشهما وقائيا حتي يتمكن من فحص القضايا المتهمين فيها ، فعثر مع المتهم الاول على علبة سجاير تحوى أربعة لفافات من جوهر الهيروين والذى أقر بأنها تخص المتهم الثاني وأنه حملها مقابل تذكرة منه لنفسه ،

بما يوفر حالة التلبس ويكون معه هذا التفتيش الوقائي قد توافر سنده القانوني و يكون قد تم صحيحاولا يقدح في ذلك ما تضمنته الشهادة المقدمة من المتهم الأول بأن الجنحة المتهم فيها تم انقضاء الدعوى الجنائية فيها بالصلح .إذ توافر لضابط الواقعة سبب القبض حال إجراء التفتيش الوقائي

(الطعن رقم 46823 لسنة 85 جلسة 2017/12/09).

(2) وهذا الحكم جد خطير إذ يخول لمامور الضبط القضائي سلطتي القبض والتفتيش لمجرد سبق الإتهام وهو ما يخالف المادتين ٥٤من الدستور و٣٤من قانون الإجراءات الجنائية اللتين لا تجيزا في غير أحوال التلبس القبض على المتهم وتفتيشه إلا بأمر قضائي مسبب ولا يغني عن التلبس أو الأمر القضائي مجرد سبق الإتهام في جريمة.

والغريب أن محكمة النقض تقرر في هذا الحكم امور متناقضه لا تجانس بينها اذ تقرر تاره أنه بدون توافر سند القبض لا يجوز التفتيش الوقائي ولا القانوني حال أن سند القبض وهو التلبس لم يتوافر إلا بعد التفتيش الباطل !وتقرر النقض تاره أخري أن غرض التفتيش الوقائي هو التأكد من عدم حمل المتهم لسلاح أو اداة يؤذي بها نفسه أو غيره مما ينفذ القبض ورغم ذلك تجيز للضابط تفتيش المتهم باخراج علبه سجاير من جيبه وفتحها وفض ورقه بيها هيروين حال أنه يستحيل أن تحوي علبه سجاير بداخلها ورقه علي سلاح أو أداه اعتداء!

أن هذا الخلل الذي اعتري منطق النقض يؤكد أن محكمة النقض تقرر قواعد ومبادئ في غير موضعها نهيك عن اغفال محكمة النقض ما دفع به المتهمين من انتفاء مبررات الاستيقاف الذي أدي الي الكشف الفني المسفر عن سبق الإتهام في بعض القضايا رغم جوهريته إذ بدون توافر مبررات الاستيقاف يضحي قبض باطل.

ولعل الصحيح هو ما قضت به محكمة النقض في حكم آخر لها بأن من شروط الاستيقاف أن يضع الشخص نفسه طواعية واختيارًا فى موضع الشبهات والريب وأن ينبئ عن ضرورة تدخل المستوقف للكشف عن حقيقته ومن ثم فإن استيقاف الضابط للطاعن دون بيان الحالة التي كان عليها وما إذا كانت تستلزم تدخله لاستطلاع جلية أمره هو قبض لا يستند إلى أساس فى القانون يترتب عليه عدم الاعتداد بما يسفر عنه من دليل.

ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهي لمشروعية استيقاف الضابط للطاعن فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ولا يرفع هذا الخطأ و لا ينال منه تذرع ضابط الواقعه أنه بالكشف عن الطاعن لدي استيقافه تبين أنه مطلوب للتنفيذ فى أحكام صادرة ضده مادام أن هذا المنكشف تم عقب استيقاف باطل ومن ثم يكون تخلي الطاعن عن الكيس الذي يحمله عقب استيقافه وبيان ما يحتويه من مخدر إجراء باطل

(الطعن رقم 28469 لسنة 85 جلسة 2017/06/07)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *